فاجئ بوتن العالم بأسره في منتصف هذا الشهر من ان قواته قد حققت اهدافها في سوريا وانه امر قواته او جزءاً منها بالرجوع الى روسيا. كان هذا قراراً مفاجئً بأمتياز لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وبشار الأسد وايران واسرائيل وتركيا والعالم بأسره. ودعك من الأقوال من ان سوريا كان لديها علم بذلك، وان الخارجية الأمريكية تعلم وترغب بهذه الخطوة، وان السعودية تعتقد ان ذلك سوف يساعد على حل القضية السورية سلمياً. فحقيقة الأمر انه فاجئ حتى القيادات العسكرية الروسية. فما الذي يريد ان يقوله بوتن للعالم؟ وما هي الاهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة؟ في اعتقادي ان بوتن قد رمى عشرون طيراً بحجر واحد، واثبت للعالم من جديد انه قائد متميز يجب ان يحسب له الف حساب. وهذا بعض ما نراه من هذه الأهداف:
هذا وغيره من الأهداف التي اراد بوتن ان يوصلها للعالم بأكمله. فهل ياترى قد نجح بذلك ؟ وهل فهمه أوباما وبشار وأردوخان وسلمان؟ ام انهم من القوم الذين ” اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة بمن تنادي”. مرحباً بروسيا كدولة عظمى كي يكون في العالم شئ من التوازن والتوافق.
محمد حسين النجفي
آذار 17 ،2016
لاشك فيه ان السيد مقتدى الصدر يتميز عن حلفائه في التيار الأسلامي الشيعي من انه قادر على تحريك الموالين له وقادر على اثارة الشارع الشيعي في الأحياء والمدن الفقيرة ومنها مدن مثل مدينة الثورة (الصدر) ومدينة الكوفة على سبيل المثال لا الحصر. كذلك فإنه يختلف في طريقة تعامله في الساحة السياسية، حيث انه كثيراً ما يخاطب الجماهير والشارع والشعب العراقي بعيداً عن الدهاليز السياسية المظلمة وموائد المجاملات الدسمة وبريق الأضواء الساطعة. كذلك فانه يختلف عن الآخرين برؤيته الخاصة وعناده في ثوابته السياسية وخاصة محاربته لأي وجود او نفوذ اجنبي في العراق ومنذ اليوم الأول لسقوط الصنم ولحين الوقت الحاضر. ولكن هل يؤهله هذا للقدوم بعد سبعة اشهر من نضال اليساريين والعلمانيين والمدنيين الذين انبح صوتهم جمعة بعد جمعة، ويعتلي منصة التظاهرات وكأن تاريخ الأحتجاج بدأ بتلك اللحظة؟ هل يحق له ان يعزل نفسه ولا يحملها اية مسوؤلية وهو الذي كان ولا يزال بأمكانه ان يسحب البساط من تحت اي رئيس وزراء او اي متنفذ آخر؟ ان السيد لم يحدثنا كيف سيتعامل مع الفاسدين من الصدريين والمواليين والوزراء والوكلاء والمدراء والسفراء من اتباعه وهم كثروا؟ نعم اعلن عن تبرئه منهم، ولكن من هم؟
منذ سبعه اشهر والعلمانيون واليساريون والمدنيون وعلى قلة عددهم وعدتهم، استطاعوا ان يبقوا لافتات الأحتجاج مرفوعة والأسواط مسموعة لا لشئ او مصلحة لفئة او طائفة او دين او قومية، وانما لكل العراق بعربه واكراده، بمسلميه ومسيحيه وغيرهم. انهم من رفع شعار محاربة المحاصصة. وانهم من من رفع الصوت عاليا ضد فساد الدولة والبرلمان والقضاء. انهم من طالب بحق المواطن في العيش الكريم . انهم من دافع عن المواطن والضعيف والمريض. انهم من دافع عن المرأة وحقوقها المدنية. انهم من طالب بألاصلاح. وطيلة السبعة اشهر هذه لم تنصفهم الدولة الفاسدة حتى تسمع آرائهم واقوالهم، وتعرضوا للضرب والأهانات والأعتداء والأعتقال. لقد اكتسبوا ثقة الشعب العراقي واحترامه بجدارة وامتياز. واحرجوا الأشخاص والأحزاب والكيانات، وارغموا رئيس الوزراء بتقديم ورقة الأصلاح اليتيمة. وعليه اذا اراد السيد مقتدى الصدر وغيره من المشاركة وتحويل المظاهرات الأسبوعية الى انتفاضة شعبية فإن عليه ان يكون مُنصفاً ومقدراً للجهود التي سبقته وان لا يركب الموجة ويمتطيها كأنها حصانه الطائر وانما عليه والمواليين معه ان يتفاعلوا بكل ايجابية مع الذين سبقوهم ولا يغير الشعارات والهتافات كي تتحول من شعارات مطلبية اصلاحية مدنية سلمية الى شعارات استفزازية او طائفية او لتصفية حسابات سياسية. لقد اظهر اليساريون والليبراليون احتراما وتقديراً وقبولاً لمشاركة السيد مقتدى الصدر واتباعه وهو يستحق ذلك على ان تكون العلاقة متكافئة ومتساوية ويكون العمل بالتنسيق. ولكن على منظمي التظاهرات الذين تحملوا الحر والبرد والأهانة والأضطهاد، عليهم ان يراجعوا ما حدث في التاريخ وخصوصاً ما حدث في مصر وكيف سيطر وهمين الأخوان على الأحداث، بعد ان ضحى اليساريون لسنيين واشعلوا فتيل الأعتصام في ميدان التحرير. فلا تجعلوا التاريخ يعيد نفسه.
محمد حسين النجفي
6 آذار 2016
يبدوا ان الحراك الشعبي يعتبر ان الفساد السياسي والأداري هو اساس المشاكل والتخلف التي يعاني منها العراق والعراقيون. وقد يكون لذلك بعض الأساس من الصحة. حتى ان السيد مقتدى الصدر في كلمته في ساحة التحرير اكد من انه ” كلا للفساد وكلا للفاسدين. حقيقة الأمر ان المشكلة في العراق حالياً هي طبيعة نظام الحكم المؤدية الى انعدام الأمن والأمان، وما الفساد إلا ظاهرة سهلة النمو في مجتمع يعاني من انفلات قانوني وامني
ان دول العالم حتى المتحضر منها في اوربا يعلنون حالات الطوارئ ويوقفون العمل في الدستور ويحلون البرلمان متى ما دعت الضرورة اومتى ما يشاء الحاكم. فعلى سبيل المثال في المملكة الأردنية وفي الكويت لا تمر فترة او ازمة إلا ما رأينا ان يصدر ارادة ملكية او اميرية في اقالة الوزارة وحل البرلمان. إن العراق يعاني من ازمة امنية خارقة وخانقة. وما الأحداث الأخيرة في المقدادية وابي غريب ومدينة الصدر (الثورة) إلا خير مثال على ذلك وسوف تتكرر هذه الأحداث اكثر في المستقبل نتيجة الضغط على الأرهابيين في سوريا. ان الدستور يسمح لرئيس الوزراء اعلان حالة الطوارئ. وان كان لا يسمح بشكل واضح فإن على رئيس الوزراء اعتماد الفقرات العملية التي تؤهله للأضطلاع بهذه المهمة الصعبة
إن اعلان حالة الطوارئ وتعطيل البرلمان الفاسد واقالة الفاسدين واعتقالهم واحالتهم الى محاكم عسكرية هو حل لا بد منه كي تستقر الأوضاع الأمنية وتستطيع الدولة من ممارسة دورها وبسط نفوذها وحماية مصالح مواطنيها من الطائفية والمحاصصة والفساد. وكي تنجح تجربة اعلان حالة الطوارئ لا بد ان يكون مدعوماً بعوامل عدة
محمد حسين النجفي
الأول من آذار 2016
لقد باشر العهد السابق ومنذ اواسط الثمانيتات بخطوات بأتجاه خصخصة الأقتصاد العراقي عن طريق بيع ممتلكات الدولة والتي هي بعبارة ادق ممتلكات الشعب العراقي وثروته الوطنية. وفي حينها كانت الأسباب الرئيسة هي انشغال الدولة في حرب لا نهاية لها. وبعد ذلك عزيت اسبابها الى المقاطعة التجارية والحصار الأقتصادي. وكانت الصفقات تتم بهدوء والمستفيد الأول والأخير هي عائلة صدام واقربائه وزمرة من المتفاعلين معهم. وبموجب ذلك تم بيع معمل الطين في مدينة الحرية لعائلة خير اله طلفاح على سبيل المثال.
وقد ازدادت الدعوة لخصصة الأقتصاد العراقي بعد عام 2003 نتيجة للنفوذ الأمريكي ورجوع العديد من العراقيين كسماسرة للمستثمرين الأجانب. ولذلك فقد ارسيت كل المقاولات والعقود سواء في قطاع النقل والمواصلات، التليفونات، النفط، توريد المواد الغذائية، وحتى جمع القمامة الى شركات اجنبية تركية، كويتية، مصرية امريكية واوربية وحرمت منها الشركات العراقية.
لقد لعب هذا العامل دورا فعالا في كسرالدور الريادي للقطاع العام وفي نفس الوقت اذل وافقر القطاع الخاص وحوله لقطاع طفيلي يعيش على الكومشن والأزمات وفتتات السياسيين والشركات الاجنبية. وحينها الكل يتحدث عن مشاريع كبرى وعظمى فوق طاقة القطاع العام والخاص العراقيين. وللأسف كانت خطأ سياسيا ولعبة تجارية لازال العراق ينتظر نتائجها.
وقد يتحدث القائل عن بروقراطية القطاع العام وعدم كفائته وكثرة العاملين به وقلتة انتاجيتهم. ولنفرض جدلا ان كل هذا صحيح. ولنراجع ما انجزه القطاع الخاص طيلة الثلاثة عشر سنوات. الجواب معروف لدى الجميع فإن الأنجازات تنحصر في هدر الموارد المالية وتمويل التيارات السياسية التي نشرت الروح العنصرية والطائفية المؤدية الى انعدام ابسط ماهو مسوؤلة عنه الدولة وهو الأمن والخدمات. وادى الى ظهور طبقة جديدة من الأثرياء الذين لا ولاء لهم للعراق، وبالتالي فإنهم لا ينوون اعادة استثمار ما سرقوه في مشاريع صناعية او زراعية او تجارية.
لقد كان بالامكان التغلب على مواطن ضعف القطاع العام من خلال زجه في عملية البناء والتطور خاصة اذا كان الوعي السياسي الجديد لايسمح بالمحسوبية والمنسوبية ويحمل شركات القطاعين العام والخاص المسوؤلية كاملة لما تعاقدوا عليه. لقد جرى عمدا عزل منشآت القطاع العام الصناعية منها والتجارية من لعب اي دور في العراق الجديد تمهيدا لتصفيتها وتحويل اموال الشعب ومصادر خدماته الأساسية لايدي لصوص كبار مصانين غير مسوؤلين ينهبون خيرات البلد بكفائة نادرة ويفلتون من الحساب الى الأبد. وكذلك عزل القطاع الخاص العراقي المحلي المنتج سواء في قطاع المقاولات او الخدمات، لصالح شركات اجنيبة من الدرجة العاشرة لا لشئ بل لأنها سهل التفاعل معها وتقاسم الأرزاق غير المشروعة.
وهنا لا بد لنا من ان نرفع صوتتنا ونذكر السياسين القائمين على تشريع قوانين بيع ممتلكات الشعب بسعر التراب، ادرسوا ماحصل لروسيا ومصر والجزائر من ضياع وهدر وسرقة بأسم الخصخصة. ان الأقتصاد لاينموا حينما تنتقل ملكية مصنع من اسم لأخر او تحويل مزرعة من تعاونية الى خاصة وانما الأقتصاد ينموا حينما نبني مصنعا آخر ونستصلح ارض بور ونحول القصور الرئاسية الى نوادي اجتماعية ورياضية ودور ايتام ودورعجزة. فالسؤال المحير هو لماذا لايبني القطاع الخاص مصانعه ومزارعه واسطوله البحري والجوي بنفسه اوحتى بمساعدة الدولة؟ ولماذا يفضل ان يشتري ماهو قائم ومنتج من الدولة؟ والأحير هو لماذا تشجع الدولة ذلك؟ ام ان هذه الاسئلة غير محيرة؟
محمد حسين النجفي
شباط 2016
mhalnajafi.org
ان من اخطر جرائم الأحتلال الأمريكي بعد عام 2003 هو حله للجيش العراقي برمته. ولا ندري ما هي الأسباب الحقيقية التي ادت الى ذلك؟ حيث ان الدول المحتلة تخضع جميع مؤسسات الدولة تحت الأحتلال المدنية منها والعسكرية تحت امرتها ووصايتها. واذا ما اريد ازاحة نفوذ صدام وعائلته وحزب البعث واعضائه فما كان عليهم سوى ان يحيلوا على التقاعد من قاوم الأحتلال ومجموعة من القادة الذين يمثلون السلطة السياسية سواء في المؤسسات المدنية او في الجيش والشرطة. وفي جميع الحالات فإن ذلك لا يتعدى ان يكون مئتي او ثلثمائة شخص. ولكن بريمر بأعتباره الحاكم العام في العراق وبتفويض من مجلس الامن قرر حل الجيش العراقي بجرة قلم. وبذلك هجر العسكريون كافة المواقع والثكنات ومخازن الذخيرة والمطارات والقواعد العسكرية لتكون مالاً سائباً بيد من يريد. وفعلاً تم نهب وسلب السلاح والعتاد والمعدات الخفيفة والثقيلة لتكون بيد مناوئي العهد الجديد. وقد ساعد ذلك على تسليح ميليشيات سنية وشيعية قاومت العهد الجديد بحجة مقاومة المحتل الأمريكي.
يقول المرحوم اسماعيل العارف وهو احد اقدم الضباط الأحرار ووزير الأرشاد والمعارف في عهد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ان قانون خدمة العلم الألزامي لعام 1935 هو من افضل القوانين لأنه قوى ومتن الجيش العراقي والقوات المسلحة التي تأسست في 6 كانون الثاني عام 1921. ويبرر ذلك من ان هذا القانون ساوى بين كل العراقيين في واجبهم الوطني لحماية الدولة العراقية. حيث انه لا فرق بين فقير اوغني، بين منطقة واخرى، بين عربي او كردي او تركماني. وبمنطقنا هذه الأيام لا يفرق بين شيعي او سني.
ان ما نراه في العراق حالياً من خراب ودمار للمواطن العراقي من خلال نشر وتشجيع الطائفية والعرقية ومن منهجية المحاصصة وتوزيع الارزاق على امراء الفساد والأبتزاز وسيطرة قوى الأرهاب المقيت على ثلث اراضي العراق والعشرات من المدن العراقية ، يدعونا الى التفكير بحل جذري لهذه الازمة المستعصية. واذا كانت الدعوة للتطوع لاسناد القوات المسلحة قد لعبت دوراً ايجابياً لردع داعش وايقاف زحفها على بغداد، فإن ذلك لايمنع من ان تستغل هذه الدعوة التي اريد بها حفاظاً للعراق، من قبل جهات متعددة ويتحول ولائها تدريجياً لطوائف واحزاب وتيارات بدلاً من الولاء للوطن.
ان العراق في حالة حرب مستمرة منذ اعوام وسيبقى كذلك لأعوام قادمة. ان امريكا اثناء حرب فيتنام شرعت قانون الخدمة الألزامي. وان كل الدول المجاورة مثل ايران وتركيا والدول العربية مثل مصر وسوريا والأردن كلها تتبع نظام خدمة العلم الألزامية. ان النموذج العراقي الحالي نموذج ملائم لدولة مستقرة وعريقة في استقراها كالسويد وفنلندا وغيرها من الدول الأوربية، وليس لبلد نامي يعاني من الأحتلال والتمزق الطائفي والعرقي والجغرافي.
فمن أجل توحيد العراق والقضاء على الارهاب الأسود. وكي يتم الأستغناء عن كافة الميليشيات القانونية وغير القانونية. وفي سبيل أعادة الأمن والأستقرار لربوع الرافدين، وعلى أمل توفير الفرصة للأستغناء عن القوات الأجنبية بكافة اشكالها واسبابها، ولتوفير فرص العمل للشباب العراقي، نقترح ما يلي:
ان خدمة العلم الألزامية قد استغلت من قبل الحكام في السابق في ابقاء الشباب في الخدمة حسب اهوائهم. كذلك لم تكن ظروف المعاملة انسانية على الأطلاق، ناهيك عن ان الرواتب والتعويضات المالية كانت مجحفة جدا. ان ذلك ليس عيباً على الخدمة الألزامية وانما عيبا على الحكومات والحكام الذين يستأثرون بالسلطة ويسخرون مواردها كي يحتفظون بمناصبهم.
محمد حسين النجفي
كانون الثاني 2016
* كتبت النسخة الأصلية لهذه المقالة في 6 تموز 2006
جاء الى محلنا الكائن في سوق الشورجة “رشيد مطلك “مدير المصايف والسياحة في عهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم. وكان يعرف المرحوم خالي هادي الذي كان يلتقي وكذلك الزعيم عبد الكريم قاسم في المقهى المشهور “شريف وحداد ” قرب مدخل جسر الأحرار نهاية شارع النهر. وكان يلتقي في هذا المقهى مجموعة كبيرة من مثقفي بغداد وهي مقهى ومطعم وبار.
استقبله خالي ويبدوا انهم يعرفون بعضهم جيدا وكنت أنا هناك استمع الحديث. ثم قال رشيد مطلك لخالي : ابو حسن اريد مجموعة بسيطة من الصحون والملاعق .استغرب خالي لهذا الطلب! لأنه يعرف رشيد مطلك متمكن مالياً وصاحب ذوق في الشراء. فقال له رشيد انها ليست لي وانما للزعيم .فأسغرب خالي أكثر! وسأله لماذا للزعيم وتكون بسيطة ! فحكى له القصة: إن سائق الزعيم يأتي له كل يوم بسفرطاس من بيته او بيت اخته وليس به سوى دجاجة مسلوكة وخضرة ورز .وكل يوم يأكل من السفرطاس مباشرة .ويدعوا من حوله للأكل معه واحيانا يكونوا سفراء او مندوبي دول اجنبية. ان هذا غير مناسب ابداً وقد قلت له ذلك عدة مرات وطلبت منه ان اشتري له صحون فرفض . والآن قررت ان اشتري له من مالي الخاص هذه الصحون لأنه يرفض الصرف من مخصصات الدولة عليها. اجابه خالي انه يود ان يرسل معه افضل طخم مائدة كهدية للزعيم .اجابه بأن الزعيم سوف يرفض ذلك ولا يريد ان يحاسبه الزعيم على ذلك.
هذه نوعية الشخصيات السياسية الوطنية التي وعينا عليها في طفولتنا وعشنا على قيمها في شبابنا. الذكر الطيب للمرحوم رشيد مطلك والمجد والخلود للزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم.
محمد حسين النجفي
9 تشرين اول 2015
إن الشعب العراقي يتكون من مجموعة واسعة من التركيبات القومية والدينية والطائفية والعرقية. فهناك العرب والاكراد والتركمان والأشوريون والكلدان والأرمن والفرس. وهناك المسلمون والمسيحيون واليهود والأزديون والمندائيون. وهناك الشيعة والسنة والأرثودكس والكاثوليك وما الى ذلك من تفاصيل فرعية في كل مكون. إن الاعتراف بوجود المميزات الخاصة لكل شريحة لا يؤدي كما يعتقد البعض الى التمزق والتحلل والانفصال والضعف. لا بل على العكس فإن الاعتراف بذلك يؤدي الى التفاهم والتعايش السلمي وعدم تدخل طائفة في شوؤن طائفة اخرى. إن التوحيد المبني على رغبة الحاكم في ارغام هذه الطوائف بالتنازل عن مميزات تراثها وعاداتها وتقاليدها الموروثة كي تنصهر في بودقة الأتجاه العام ً السائد ً والمُقنن بقوانين وتشريعات حكومية، لا يخدم في اهدافه إلا صانعيه. أما التوحيد المبني على الاحترام العقلاني للاختلافات في العقائد والتقاليد، فإنه ينبع من الاحترام المتبادل لهذه المجموعات المتميزة ولصيانة تراث وحقوق كل منها للآخر.
فلا نستطيع القول إننا جميعاً مسلمين لا فرق بين عربي وكردي وتركماني. او القول ان المسلم هو مسلم سواء كان سنياً أو شيعياً. كيف يمكن قول ذلك؟ هل نغفل أم لا علم لنا عن الخلاف الذي بدأ منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة وتطور أكثر فأكثر في عهدنا المعاصر. نعم سوف نستمر بقول لا فرق، ولا فرق، ولا فرق، وسيتلو قادتنا علينا الحكايات التي تثبت بأن في ألاتحاد قوة. ولكنهم يطالبون بتوحيد مبني على نكران وجود الفوارق، وليس المبني على أساس الاعتراف بوجود الفوارق، والتحدث عنها وفهمها وخلق الاحترام المتبادل والأيمان بعدم التدخل بشؤون الطائفة الأخرى وتجنب خدش شعور الآخرين. إن الشعور بالانتماء الى الوطن يزداد عُمقاً، إذا ما فُسح المجال داخل هذا الوطن الواسع الكبير للانتماءات الفرعية ان تزدهر وتتفتح على أبنائها. وليكون تعدد اللغات والتراث، وتعدد الأديان والطوائف مصدر قوة لذلك البنيان، وكأنما كل واحدة منها عمود صلب يتكأ عليه ذلك البناء الكلي الواسع. عند ذلك فإن الكردي، سيُعرف نفسه بأنه كردي عراقي، وليس كردي فقط، وان الكلداني سيقول انا كلداني عراقي وبفخر بدل ان يقول كلداني فقط.
إن البعض منا لا يرتضي وجود تجمعات عراقية خارج الوطن تحت مظلة دينية او قومية. فهناك جمعيات كردية وأشورية وتركمانية. وهناك اتحاد طلاب كردي وتركماني. وهناك جمعيات كلدانية. وهناك أتحاد للشباب المسلم. وهناك جمعيات أسلامية عراقية شيعية وسنية. منها تحت أسماء صريحة وأخرى مستعارة. كذلك فإن هناك جمعيات مهنية ومنظمات يسارية علمانية. وهناك نوادي اجتماعية ترفيهة. اضافة الى الجوامع والحسينيات والكناس ودور العبادة الأخرى. فهل ان هذا النهج خاطئ ويؤدي الى تمزيق الشعب العراقي في الوطن، والى تبعثر الجالية العراقية في المهجر؟ الكثير يعتقدون بذلك، ومن هؤلاء الكثير ممن يطالب بالديمقراطية والحرية والحقوق القومية. أنهم يعتقدون بما أن العراق بلد واحد، فإنه يجب ان لا يوجد سوى تراث واحد، وتقاليد موحدة، وحكومة واحدة، ومعارضة واحدة، وصحيفة واحدة. وإن هذا الشعب الكبير يجب أن لا يمثل سوى بأتحاد طلاب واحد، واتحاد نساء واحد، وأتحاد فلاحين واحد. ولقد نسوا إن مشكلتنا دائماً كانت هي ان لدينا “حاكم واحد أحد” وهو الذي أبتدع هذه الشعارات. إننا يجب أن نرحب ليس فقط بتعدد الأحزاب السياسية العقائدية، وإنما ايضاً الى تعدد الجمعيات الممثلة لمختلف شرائح الشعب العراقي سواء كانت القومية أو الدينية أو الطائفية أو العرقية او العقائدية. إن وجود التمثيل لهذه الشرائح يؤدي الى تبادل المعلومات ومعرفة خصوصيات كل طائفة، والعمل على صيانتها من خلال الاعتراف المتبادل. عند ذلك نكون جميعاً (عراقيين).
ويمكن ان نأخذ درساً من سويسرا ألاتحادية وهي بلد صغير جداً قياساً بالعراق. حيث ان مساحة سويسرا تبلغ 41,285 ك2 ، بينما مساحة العراق تبلغ 169,234 ك2. وان عدد سكان سويسرا هو ثمانية ملايين نسمة بينما سكان العراق يبلغ الأربعين مليون نسمة وذلك في عام 2020. وعلى الرغْم من صغر المساحة الجغرافية لسويسرا وتقارب المدن في ما بينها إلا ان هناك العديد من اللغات الرسمية. حيث ان الدستور يعترف بأربعة لغات هي الألمانية السويسرية ويستخدمها 65% من السكان، تليها اللغة الفرنسية ويتكلمها 23% ثم اللغة الأيطالية ويتحدث بها 8%. وهناك لغة رابعة لا يتحدث بها سوى 0.5% اي نصف الواحد بالمئة وهي اللغة الرومانشية. وهناك الكثير من اللهجات المحلية لكل لغة من اللغات. فبدل ان تسعى سويسرا لتوحيد شعبها عن طريق توحيد اللغة او اللغتين الرئيسيتين الألمانية والفرنسية وجعل الجميع يتحدثون بهما وهو امر ممكن نتيجة لصغر البلد مساحة وسكاناً، فإنها على العكس من ذلك تنفق الأموال كي لا تندثر اللغة الرومانشية والتراث المترابط معها. ونحن في العراق وبعد جهد جهيد وكفاح السنين استطاع الاكراد من ان يجعلوا اللغة الكردية لغة رسمية. ولكن هناك لغات اخرى لم تحصل على نفس النصيب من التقدير والاعتراف وخاصة اللغة التركمانية واللغة السريانية التي يتحدث بها السريان والكلدان والآشوريين. كذلك هناك لغات اخرى مثل اللغة الأرمنية واللغة الفارسية. إنما نأخذ اللغات كجوهر لتراث وأدب وعادات وتقاليد يجب ان يفسح المجال لها كي تساهم بشكل إيجابي لتمثيل البلد الذي ينتمون إليه.
إن منح الحرية والاعتراف بتعدد اللغات والتراث المتنوع في البلد الواحد ما هو إلا نموذج لكيفية تعامل الأغلبية مع الأقلية، القوي مع الضعيف، والغني مع الفقير، المتدين مع العلماني والعلماني مع المتدين. إننا للأسف الشديد نحمل بين طيات تفكيرنا الكثير من الذكريات المؤلمة لتعرض هذه الطائفة وتلك للاضطهاد من قبل السلطات في عهد ما وزمان ما. ان ما يقوم به الحاكم يمثله وسلطته فقط، ولا يمثل الطائفة او الدين او القومية التي ينتمي اليها. إن على مكونات الشعب الواحد ان لا تمنح الحاكم والسلطة الفرصة لتفرقيها. وهنا نسأل السؤال، هل ان السويسريون يحترمون ويقدرون ويشعرون بالأنتماء لوطنهم أكثر ام ان العراقيون أكثر؟ فلماذا الحجر والكبت والتوحيد الشكلي القسري المفتعل؟ ولماذا لا ندع ألف زهرة تتفتح في وادينا؟ ولماذا لا نسقي هذه الزهور بمياه دجلة والفرات ونجعل ألارتماء بأحضان الآخرين مسألة طوعية بسبب الود والمحبة والتآخي والتعايش السلمي؟
محمد حسين النجفي
موقع محمد حسين النجفي
15 آب 2015
بس لا
في صيف عام 1962 تم اعتقال مجموعة من الطلبة لأنهم نظموا نشاطا كان يقودها الفيلسوف البريطاني “برنارد روسل” للأحتجاج على التجارب النووية التي تقوم بها امريكا في صحراء نيفادا الأمريكية. وكان هذا النشاط السلمي في بغداد وضد امريكا المعادية والمتآمرة على العراق والزعيم آن ذاك. وتوسط والد احد هؤلاء الشباب وكان عمره خمسة عشر عاماً، توسط لدى محسن الرفيعي مدير المخابرات العسكرية وابن مدينته “النجف الأشرف” كي يطلق سراح ابنه. وكان جواب محسن الرفيعي لوالد ذاك الشقي البغي المناهظ للحروب والناشط من اجل السلم والعدالة الأجتماعية مايلي:
“والله لو جاييني تتوسط على بعثي لو قومي لوكواد لو قاتل قتلة…… لكنت قد اطلقت سراحه في الحال
…. ولكن شيوعي هاي لتحجي بيهه”.
هذا في عهد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، وكان هذا الشخص يتحكم بالمخابرات
العسكرية وأخفى المعلومات التي ادت الى نجاح ردة شباط 1963الدموية.