باشر العهد السابق ومنذ اواسط الثمانينيات بخطوات بأتجاه خصخصة الأقتصاد العراقي عن طريق بيع ممتلكات الدولة والتي هي بعبارة ادق ممتلكات الشعب العراقي وثروته الوطنية. وفي حينها كانت الأسباب الرئيسة هي انشغال الدولة في ادارة حرب لا نهاية لها. وفي منتصف التسعينات بدأت المرحلة الثانية لبيع ممتلكات الشعب العراقي للمستفيدين والمنتفعين ممن كانواينتظرون الفرص المواتية وبحجة المقاطعة الأقتصادية. وكانت الصفقات تتم بهدوء والمستفيد الأول والأخير هي عائلة صدام واقربائه وزمرة من المتفاعلين معهم. وقد ازدادت الدعوة لعولمة وخصصة الأقتصاد العراقي بعد عام 2003 نتيجة للنفوذ الأمريكي ورجوع العديد من العراقيين كسماسرة للمستثمرين الأجانب. ولذلك فقد ارسيت كل المقاولات والعقود سواء في قطاع النقل والمواصلات، التليفونات، النفط، توريد المواد الغذائية، وحتى جمع القمامة الى شركات اجنبية تركية و كويتية و مصرية وامريكية واوربية، وحرمت منها الشركات العراقية سواء في القطاع العام ام الخاص. لقد لعبت العولمة دورا فعالا في كسر ما تبقى من قوة القطاع العام واذلت وافقرت القطاع الخاص وحولته لقطاع طفيلي يعيش على الكومشن والأزمات وفتتات السياسيين والشركات الاجنبية. وحينها الكل يتحدث عن مشاريع كبرى وعظمى فوق طاقة القطاع العام والخاص العراقيين. وللأسف كانت لعبة كبيرة وخطأ سياسيا واقتصاديا لازال العراق يعاني من تبعاتها.كان يجب ان يتم اعمار العراق على ثلاثة محاور
قصيرة الأمد
ويتم فيها تصليح وصيانة ماهو قائم وموجود ويتطلب التصليح والصيانة والأدوات الأحتياطية. ولكان قد ادى ذلك الى تشجيع القطاع الخاص في مجالات المواصلات، النقل، الصحة، جمع القمامة والماء والكهرباء وغيرها. وكذلك تقوم منشآءات القطاع العام بأعادة تأهيل نفسها عن طريق الصيانة والتصليح واستيراد المواد الأحتياطية المطلوبة. وكان بأمكان القطاع العام بأمكانياته الهائلة من ان يأخذ على عاتقه لعب دور ايجابي لتلك المرحلة الأنتقالية
متوسطة الأمد
وهو ما يمكن لكل من القطاعين العام والخاص انجازه خلال الخمس سنوات القادمة. فعلى سبيل المثال لا الحصر تقوم الدولة بتشجيع وتمويل القطاع الخاص ضمن ضوابط قانونية ومالية في قطاع المواصلات والنقل البري، فيما يقوم القطاع العام ببناء البنى التحتية لهذا القطاع مثل بناء الجسور والقناطر وفتح طرق برية ومد سكك حديدية بين المحافظات ومع الدول المجاورة
بعيدة الأمد
وهو مايمكن ان يتوقع انجازه خلال العشرين عاما القادمة. وهو التفكير ببناء سدود واحواض مائية لمعالجة مشكلة المياه مع الدول المجاورة. مشاريع الأستثمارات النفطية وتصنيع مشتقاتها كوقود السيارات والغاز السائل. مشاريع ري وبزل واستصلاح اراضي . كيفية الوصول الى مرحلة الأكتفاء الذاتي لزراعة المحاصيل الزراعية الأساسية مثل الحنطة والرز. كيفية تشجيع وخلق مشاريع صناعية تعتمد على مواد اولية يزخر بها العراق مثل المنتجات النفطية، السمنت، الطابوق، تعليب المياه والمواد الغذائية. كذلك معالجة التصحير من خلال شق القنوات المائية وبناء الأحزمة الخضراء عن طريق زراعة النخيل والحمضيات والأشجار التي تقاوم الريح والجفاف. كل ذلك لايستطيع ان يقوم به القطاع العام او الخاص بمفرده. ان هذا النوع من المشاريع الضخمة فقط يستحق ان تساهم به الخبرات الدولية والشركات العالمية المختصة، وليس السمسارة في عمان والمشايخ في الخليج والأمراء في السعودية
وقد يتحدث القائل عن بيروقراطية القطاع العام وعدم كفائته وكثرة العاملين به وقلتة انتاجيتهم. ولنفرض جدلا ان كل هذا صحيح. ولنراجع ما انجزه القطاع الخاص طيلة عشر سنوات. الجواب معروف لدى الجميع فإن الأنجازات تنحصر في استيراد اردئ نوعيات البضائع من الصين وهدر الموارد المالية وتمويل التيارات السياسية التي نشرت الروح العنصرية والطائفية المؤدية الى انعدام ابسط ماهو مسوؤلة عنه الدولة وهو الأمن والخدمات. لقد كان بألامكان التغلب على مواطن ضعف القطاع العام من خلال زجه في عملية البناء والتطور خاصة اذا كان الوعي السياسي الجديد لايسمح بالمحسوبية والمنسوبية ويحمل شركات القطاعين العام والخاص المسوؤلية كاملة لما تعاقدوا عليه
الذي اريد ان اقوله ان بريمر ومن كان حوله قاموا عمدا بعزل منشآت القطاع العام الصناعية منها والتجارية من لعب اي دور في العراق الجديد تمهيدا لتصفيته وفتح الآفاق امام الشركات العالمية وتحويل اموال الشعب ومصادر خدماته الأساسية لايدي لصوص كبار مصانين غير مسوؤلين ينهبون خيرات البلد بكفائة نادرة ويفلتون من الحساب الى الأبد. وكذلك تم عزل القطاع الخاص العراقي المحلي المنتج سواء في قطاع المقاولات او الخدمات لكي تتاح الفرصة كليا للشركات الاجنبية وسماسرتها ممن هم سياسيون في النهار، ومقاولون في الليل والذين يعقدون الصفقات في اروقة الصالونات الحمراء
وهنا اود ان ارفع صوتي واذكر السياسين القائمين على تشريع قوانين بيع ممتلكات الشعب بسعر التراب، ادرسوا ماحصل لروسيا ومصر والجزائر من ضياع وهدر وسرقة بأسم الخصخصة والعولمة. ان الأقتصاد لاينموا حينما تنتقل ملكية مصنع من اسم لأخر، من القطاع العام الى الخاص أو العكس، وانما الأقتصاد ينموا حينما نبني مصنعا آخر، ونستصلح ونروي اراضي كانت غير صالحة للزراعة. ان العراق يحتاح حاليا لجهود اعادة بناء واسعة. فنحن بعد عشر سنوات بعد التغيير ولازلنا دون الصفر. فالقطاع العام والخاص عليهم مسوؤلية البناء المشترك والمتكامل ما بين الأثنين
هناك مشاريع لاتعد ولا تحصى فدعونا نبني مشروعا جديدا، حيث ان بيع المشروع القديم لمالك جديد سوف لن يحل المشاكل القائمة بل ربما يعقدها ويأخرها. فعلا سبيل المثال لا الحصر ان خصخصة سمنت السماوة لم يرفع من طاقته الأنتاجية. كان الأجدى بالدولة ان تشجع ذلك المشتري على بناء سمنت سماوة 2، كي يكون هناك مصنعين وطاقتين ومنافسة وتكامل والبقاء للأفضل
محمد حسين النجفي
تشرين ثاني 2013
________________________________________________________________________________
العراق#، محمد حسين النجفي#،#خصصة#،#القطاع العام