ذكريات شارع الهندي العريق

شارع الهندي الكرادة الشرقية

تعتبر الكرادة الشرقية من بين اهم ضواحي العاصمة بغداد من حيث تعداد النفوس والمساحة الجغرافية والتنوع السكاني. إلا ان اهم ما يميزها هو كونها شبه جزيرة يلتف حولها نهر دجلة العظيم من ثلاث جهات. كذلك كورنيش ابي نوأس ومقاهيه الجميلة والسمك المسكوف وبهجة وشعبية الكرادة داخل، وروعة ونظافة الكرادة خارج، وتحرر وحداثة عرصات الهندية وأناقة منطقة المسبح. ويعتبر شارع الهندي من بين الشوارع المهمة في قلب الكرادة الشرقية حيث يقع في منطقة البوجمعة ما بين منطقة الهويدي والبوليسخانة. قضينا في شارع الهندي احلى ايام الطفولة والحداثة والمراهقة من عام 1954 لغاية عام 1961، سبعة اعوام مهمة في ترعرع ونمو شخصية اي انسان ورسم ابعاد توجهه في الحياة. لم يكن شارع الهندي منطقة سكنية محدودة، وإنما كان محلة متكاملة وكأنها مدينة صغيرة في قلب الكرادة الشرقية. من بين الأحداث المهمة في هذه الفترة هي افتتاح البث التلفزيوني، والتعداد السكاني لعام 1957، ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، احداث الموصل في آذار عام 1959، احداث كركوك في تموز عام 1959، محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم عام 1961، ومشاهدة النقل المباشر لمحكمة الشعب (المهداوي).

كانت الألعاب التي نمارسها في الشارع موسمية.  ففي الصيف يبدأ موسم الطيارات الورقية من السطوح، وكنا احياناً نعلق في الخيط فوانيس ورقية بداخلها شمعة كي تضيئ في الليل. واحيانا نغلف الخيط بطحين البامة اليابسة حيث نطحن البامية اليابسة ونمررها على الخيط وننشر الخيط حتى ييبس كي يتحول الخيط حاداً كالسكين اذا ما تقاطع مع خيط آخر لشخص غريم يقطعه ويفقد طيارته الورقية. وهناك موسم “المحية” وهو موسم يستخدم به  البوتاز (مفرقعات) نصنعها في البيوت وهي ممنوعة قانونياً ولكن الكل يستعملها. نشتري المادة المتفجرة وهي مسحوق مثل الكركم من “حسن علو” وهو بقال في منطقة سبع قصور. ونجمع حصى في خرقة قماش نضع فيها عدة حصوات وننشر عليها الزرنيخ (المسحوق القابل للانفجار) ونشدها بخيط. وعند رميها في الشارع على ارض صلبة تنفجر وتحدث صوت مدوي. ولعبة الدعبل من اكثر الألعاب ديمومة وعلى مدار السنة. وهناك لعبة المرصع والجعاب والصنطرة توتو، ولعبة البوزة وهي خض بطل الكوكا كولا وفتحه والمراهنة الى اي حد تصل بوزة الكوكا المنسابة من القنينة، وغيرها الكثيرمن الألعاب. وحينما وصلنا عمر الأحداث كانت لعبة كرة القدم من اهمها وكنا نتابع الفرق الرياضية وخاصة منتخبي آليات الشرطة ومنتخب القوة الجوية ومنتخب الزوراء، ونذهب لمشاهدتها في ساحة الشرطة قرب القصر الأبيض وساحة الكشافة في الأعظمية.  ومن بين المشهورين في كرة القدم آن ذاك كان جمولي (جميل عباس)، عمو بابا، ارشاك، يورا، قاسم زوية، حامي الهدف لطيف شندل وحامد فوزي والمعلق الرياضي المشهور مؤيد البدري.

من بيت اهم السكان القاطنين تلك الأيام في شارع الهندي بيت الحاج حسن الأمين الدقاق، من تجار الحبوب المهمين في علاوي الشورجة، ومنهم صديق العمر حكمت محمد جواد الدقاق، وبيت الكاتب والمؤرخ العراقي السيد عبد الرزاق الحسني ومن ابنائه قاسم وأمين وأنور والصديق طارق و زملاء الدراسة في مدرسة الحكمة الأبتدائية سليم وابنته أحلام، وبيت مهدي الطالب مالك شاحنات نقل ضخمة، وأبنائه سلمان وسالم والأصدقاء خميس وصباح وحامد، وبيت امير رومايا ومنهم الصديق هلال حنا، وبيت المحامي عبد الحليم القيم ومنهم الصديق علي القيم وبيت السيد عبد الأمير السيد صالح النجفي ومنهم الصديق زكي وسعد، وبيت عبد الأمير الجميلي وعبد الغني الجميلي العائلة المعروفة بصناعة بسكويت الجميلي المشهور وأبنائهم فوآد وأياد ومعن (وقد أعدم فوآد في عام 1979/1980)، وبيت سبع ومنهم علي وسامي وبشير وعلي الزغير، وبيت العقيد يوسف شكوري وهو صيدلي واصبح مديرصحة الشرطة العام، وبيت الدكتور نبيل الذين يعتبرون من أوائل سكنة شارع الهندي وكذلك الحسني، وبيت عبد علي الطحان ومنهم الأخوة سعيد وسمير ابناء الخياطة المشهورة حسنية السورية الأصل وكانت تعمل معها فاطمة النجفية، التي اصبحت تعمل لنفسها في بداية الستينات، وبيت العبيدي ومنهم البقال حميد (قنبل) وبيت الجراح ومنهم ماجد الجراح وبيت الزبيدي ومنهم الصديق ابراهيم  وغيرهم كثيرون. لكل واحد من هذه البيوت قصة تحكى ولكل من اصدقائي احداث تاريخية  تذكر. ولكن في جميع الأحوال كان ذلك زمناً جميلاً وكان عصرنا الذهبي.

العوائل التي تحدثت عنها واولهم السيد عبد الرزاق الحسني كاتب واديب ومؤرخ اساسي للوزارات العراقية. كان يخرج من بيته صباحاً وبيده كتاب يقرأه من خلال نظاراته الطبية الصغيرة التي يضعها على نهاية انفه، والتي كنت استغرب كيف انها لا تسقط من وجهه الى الأرض. فهو يمشي ويقرأ الى ان يصل ناصية الشارع العام دون النظر يميناً او شمالا ولا يسلم على هذا او ذاك، واعتقد ان ذلك كان مقصوداً. ومن هناك يستخدم سيارات الاجرة (النفرات) للوصول الى ديوان رئاسة الوزراء حيث مقر عمله. لم يكن اجتماعيا مع جيرانه، الا انه في فصل الربيع كان يبعث باقة ورد جوري “ياسمين” صغيرة بيد ابنته احلام للجيران في الصباح. ظاهرة جميلة لم تكن شائعة ولم يقلدها اي من بقية الجيران. لم تكن علاقته جيدة مع جاره مقابل بيته وهو مهدي الطالب (ابو سلمان)، وهو شخصية محترمة جداً في محلتنا. لأن ابو سلمان كان يملك عدة شاحنات كبيرة لنقل الرمل والحصى، ضوضائها صاخب جدا. لم يعتقد السيد الحسني ان شارعنا كان مناسبا كموقف لمثل هذه الشاحنات. اما الحاج حسن الدقاق وعائلته فهم من اقدم العلاقات العائلية لعائلتنا من قبل الوالد والوالدة. علاقة الوالد معهم قبل نزوحنا الى بغداد من النجف الأشرف. وكانوا اول جار لنا في بغداد محلة الدهانة مقابل جامع المصلوب. وكان من كبار تجار المواد الغذائية التموينية مثل الرز والحبوب، يساعده في ذلك ابناءه محمد جواد (ابو حكمت) وعباس (ابو حيدر). كانوا عائلة كبيرة وكان الصديق حكمت وانا متلازمين دائماً واشتركنا في كل الألعاب ومارسنا كل المسموحات والممنوعات معا وتعرضنا للمسآئلة والضغوط والأضطهاد كأننا توأم.

كنا حكمت وانا لدينا معلومات واسعة عما يحدث في شوارع الكرادة سواء المعلنة منها والمخفية. من كان صديق من؟ ومن هي صديقة فلان؟ ومن هو صديق فلانة؟ اي من المعلمين ممن كانوا يعتدون على الطلاب جنسياً؟ من هم الشقاوات في المنطقة؟ من هم الذين يديرون محلات التلخانه ( وهي مقاهي شعبية في النهار تغلق وتتحول بعد منتصف الليل الى نشاطات ممنوعة من بينها لعب القمار). كل تلك المعلومات كانت تصل الينا ونحن مازلنا في بداية عمر المراهقة،  إلا انها خلقت لدينا وعياً شارعياً لعب دوراً كبيراً في حمايتنا من الأعتداءات التي كان يتعرض لها الأطفال والأحداث والتي لا تعد ولا تحصى لدرجة انها كانت شائعة لتكون واقع مرير تتستر عليه العوائل لجسامة وفشاحة تداعياته على الضحية والعائلة. كنا نرى ونعلم بتعرض بعض اصدقائنا لهذه الممارسات وكيف يؤثر ذلك على سلوكهم الفردي وانكسارهم النفسي وانسحابهم من الأختلاط الطبيعي مع الآخرين.

وُلد اخي سعد في 7 أيار،عام 1957 واخي سلام في 29 ايلول عام 1959 في شارع الهندي. كذلك توفى جدي لأبي تبعه وفاة جدي لأمي. من طبيعة والدتي انها لا تخرج من البيت إلا نادراً، لأننا والحمد لله خمسة اولاد واختين. لم تكن والدتي تستطيع ان تزور الجيران وذلك لكثرة مشاغلها مع ابنائها، الا انها كانت تستأنس بزيارة جيراننا لنا ومنهم ام حكمت وام حيدر وفاطمة وسنية من بيت الحاج حسن الدقاق وكانوا مثل الأهل معنا يزورونا متى شاؤوا بدون اية رسميات.

كان في راس شارع الهندي كرادة داخل (على الجوة) عيادة للدكتور صادق ابو التمن (والد الصديق لؤي لاحقاً)، يقابله على الجانب الآخر عيادة الدكتور صاحب علش. اما على يسار مقدمة شارع الهندي فكان هناك نوعان من المحلات. المحلات الدائمية مثل بقالة عبد الحسن وبياعي الفواكه والخضر الذين يفتحون صباحاً ويغلقون مساءاً، إلا انهم لا متاجر ثابته لهم ومنهم “بيبية” وابنائها سالم وصديقنا نعمة، وكذلك الأخوان هادي ووادي، وغيرهم كثيرون. وعلى يمين شارع الهندي بأتجاه االباب الشرقي دكان لصاحبه ابراهيم قربان الذي كان مظهره يدل على انه معلم او موظف مصرفي من انه صاحب بقالة. بينما على مسافة منه قرب موقف باص الأمانة كان محل حميد العبيدي (الملقب بحميد قنبل) الذي كان ملائماً اكثر لمصلحته. وبينهما كان المحل الكبير الواسع لحلويات “الحاج جواد الشكرجي” وهو من الرموز التجارية المعروفة لصنع وتوزيع الحلويات في بغداد والذي يمتلك فروع عديدة ومتميزة.

كانت الكرادة الشرقية تحوي مجتمعات راقية ومجتمعات متدنية في آن واحد. تحوي على العديد من الجوامع والحسينيات ومنها حسينية “عبد الرسول علي” التي كان الشيخ الوائلي يؤمها في العشرة الأيام الأولى من شهر محرم الحرام وعشرة ايام من شهر رمضان. وكان شارع ابي نؤآس الذي يبدأ من الباب الشرقي وينتهي في شارع الكنيسة (البوليسخانة) آن ذاك قبل ان يتم تكملته ليصل الى الجسر المعلق ثم ليصل الى الجادرية. كان ابي نؤأس مركزاً سياحياً وترفيهياً لعموم بغداد حيث تنتشر على امتداده العديد من المطاعم والمقاهي ومحلات الشرب التي يرتادها الرجال فقط في ذلك الحين ومنها مقهى الحدباء لصاحبها “زناد” الذي كانت مقهاه سابقاً في البتاوين محل عمارة النصر حالياً ولديه مقهى في نهاية سوق التجار وعلى ضفاف نهر دجلة. وثلاثية مقاهي الصفراء والخضراء والحمراء. كذلك كانت الكرادة مركزاً للعديد من المثقفين والسياسين المعروفين، ومنهم الدكتور ابراهيم كبة وزير الأقتصاد في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم، وشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري ومؤرخ الوزارات السيد عبد الرزاق الحسني واستاذ القانون الدولي الدكتور محمد علي الدقاق والدكتور الجراح عبد المجيد حسين مؤسس مستشفى عبد المجيد والتجار المعروفين عبد الرسول علي ورضا علوان وجابر مهدي البزاز.  وبنفس الوقت كان الشارع العام مرتع للأشقياء و”الهتلية” والسرسرية امثال عبد الحسين هبوش وابو الريم (الأعمى) وجودة وغيرهم كثيرون.

كان شارع الهندي بالنسبة لي مدرسة الحياة التي بنيت فيها معالم شخصيتي وتوجهي في الحياة. في هذا الشارع تنبهت سياسياً لما يدور حولي وكونت توجهاً منحازاً لأفكار ظلت عالقة طول العمر. وفي هذا الشارع بدأت مبكراً في قراءآت ثقافية لم يتسع للغير الأهتمام بها. قرأت لعلي الوردي “وعاظ السلاطين” و”مهزلة العقل البشري”، وقرأت لجورج جرداق “علي صوت العدالة الأنسانية”. وفي هذا الشارع تعرفت على الشيخ احمد الوائلي حينما كان في عز شبابه. وفي هذا الشارع بدأت العمل مع والدي في الشورجة. وفي هذا الشارع خفق قلبي لعلاقات عاطفة منها البريئ ومنها الغير بريئ. وفي هذا الشارع التزمتُ ونشطتُ سياسيا، وعاصرت احداث سياسية جسام مثل ثورة تموز عام 1958، وحركة الشواف في الموصل، ومحاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد. ومن هذا الشارع شاركت في مسيرة الواحد من أيار 1959 حينما هتف مليون عراقي في شارع الرشيد من ساحة التحرير إلى وزارة الدفاع في باب المعظم:

عاش زعيمي عبد الكريمي       حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي
أسألوا الشعب ماذا يريد           وطن حر وشعب سعيد
أسألوا العامل ماذا يريد           وطن حر وشعب سعيد
أسألوا الشرطي ماذا يريد        وطن حر وشعب سعيد

وفي تلك الأعوام المفصلية في بداية الستينات بدأت الأحداث في العراق تأخذ منحى معاكس. حيث تحول الصراع بين الأفكار والبدائل السياسية الى صراعات دموية سفكت بها دماء السياسين المتخاصمين، وكانت حصة الأسد في الضحايا من نصيب اليساريين خاصة من سكنة الموصل، مما جعل سفك الدماء بشكل جماعي بعد حركة 8 شباط المشؤومة امراً استمرارياً لما حدث من قبل. وفي نفس الوقت بدأت الدول الخارجية تتدخل بشؤون العراق وخاصة الجمهورية العربية المتحدة (مصر)، والعالم الغربي. إن ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، لم تكن انقلاباً عسكرياً لتغيير من هم في سدة الحكم، وانما كانت حركة ثورية تنشد التغيير الجذري في الشؤون السياسية والأقتصادية والأجتماعية. وعليه اتخذت الثورة خطوات ضربت بها مراكز نفوذ تقليدية في الداخل، وحجمت المصالح الأجنبية في الخارج. ومن بين هذه الخطوات كان قانون الأصلاح الزراعي، وقانون الأحوال الشخصية، وهذين القانونين الحقا الضرر بمصالح ونفوذ رجال الدين الذين يُمولون من قبل رؤساء العشائر وهم في معظم الأحوال ملاك أكبر وأخصب الأراضي الزراعية، التي استولوا عليها أثناء حقبة العهد الملكي. كذلك فعل قانون الأحوال الشخصية، حيث نظم هذا القانون علاقات الزواج والطلاق والأرث  بما يضمن حقوق المرأة ويرفع من شأنها. وبذلك انقسم الشعب العراقي بين مؤيد للزعيم ومعادي له. يضم الفريق الأول ما لايقل عن 80% من الشعب العراقي خاصة الفقراء والعمال والفلاحين والكسبة، وسياسياً الشيوعيين وقسم من الحزب الوطني الديمقراطي. ويضم الفريق الثاني البعثيين والناصرين، وتضامن معهم بعض رجال الدين والأقطاعيين الذين تضررت مصالهم الشخصية، مع اسناد خارجي قوي جداً. وبذلك ابتدأت سلسلة المؤآمرات، من عبد السلام عارف، ثم رشيد عالي الكيلاني، ثم حركة الشواف في الموصل، واحداث كركوك الدموية بين الأكراد والتركمان، ومحاولة اغتيال الزعيم في شارع الرشيد.

كان لهذه الأحداث ابعاد سياسية واجتماعية أثرت على علاقة الجيران بعضهم ببعض، وعلاقات الصداقة، في المحلة وفي المدرسة. وبدأ الكل يفكر اين موقعه واين موقع الجيران والأقارب والأصدقاء من ذلك. وبدأت الحوارات في الدوائر الحكومية، والمتاجر التجارية، والمدارس والجامعات، وفي البيوت كلها سياسية. وادى ذلك الى تحول بعض الصداقات الى عداوات، والى انفضاض بعض المجالس بالصياح والعياط، هذا يدافع عن الزعيم وذلك يحب جمال عبد الناصر ويريد الوحدة مع مصر. وكانت محاكمات المهداوي (محكمة الشعب الخاصة) تؤجج هذا  الصراع لأنها كانت تُنقل حية عبر شاشات التلفزيون الذي كان الجميع يلتصقون به من اصغر فرد في العائلة حتى اكبرها. واتذكر جيداً ان ابي اشترى التلفزيون وادخله في بيتنا كي يشاهد محكمة الشعب التي ابتدأت بمحاكمة رجال العهد البائد (العهد الملكي) امثال بهجت العطية وسعيد قزاز. ثم محاكمة عبد السلام عارف، وكانت اشهرها محاكمة ناظم الطبقجلي ومن ثمّ المشتركين بمحاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم.

ادى انشطار الشارع العراقي الى قسمين رئيسين الأول الزعيم والشيوعيين من جهة والثاني البعثيين والقوميين من جهة اخرى،أدى الى مصدامات دموية، ومنها احداث كركوك في يوم الأحتفال الأول بذكرى 14 تموز 1959، مما ادى الى اراقة الدماء بين الأكراد والتركمان والتي استغلتها القوى المعادية للثورة وتلبيسها برقبة الشيوعيين. وانعكس ذلك في خطاب الزعيم حينما افتتح كنيسة مار يوسف في 17 تموز 1959 في الكرادة الشرقية، والقى كلمة ابدى فيها غضبه من الشيوعيين والأكراد واسماهم بـ “الفوضويون”. استغلت اجهزة الأمن والمخابرات التي كانت مُسيطر عليها من قبل القوى المناوئة للثورة، وقامت بحملة اعتقالات واسعة، في الموصل وكركوك وبغداد، وعلى وجه الخصوص للقيادات العمالية والفلاحية والناشطين المعروفين. بعد هذا الخطاب انشطر العراق الى ثلاثة اقسام، الزعيم والقاسميين والمؤيدين له وهم عموم الناس ولكن خصوصاً الفقراء الذين رعاهم ورفع من مستواهم، القسم الآخر هم الشيوعيين الذين ابعدهم الزعيم عن دائرته وابعدهم عن المناصب الحساسة في اجهزة الدولة وخاصة الجيش، علماً ان الشيوعيين كانوا مايزالون محبين للزعيم ومدافعين عن الثورة، اما القسم الثالث فهو البعثيين والقوميين والذين ابتدؤوا بتقوية قواهم بأسناد من الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) والتعاون من القوى التي تضررت من الثورة وهم جماعة العهد الملكي، والأقطاعيين المتضررين من قانون الأصلاح الزراعي، ورجال الدين الذين سحب قانون الأحوال الشخصية البساط من تحت اقدامهم.
محمد حسين النجفي
رئيس تحرير موقع أفكار حرة

#محمد_حسين_النجفي         #شارع_الهندي       #الكرادة_الشرقية       #www.afkarhurah.com             www.mhalnajafi.org

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You have successfully subscribed to the newsletter

There was an error while trying to send your request. Please try again.

أفكار حُـرة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي will use the information you provide on this form to be in touch with you and to provide updates and marketing.