أفكار حُـرّة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي
صوت معتدل للدفاع عن حقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية مع اهتمام خاص بشؤون العراق
لقد تجمع في القائمة العراقية مجموعة من الأحزاب والشخصيات التي لا يمت بعضها لبعض بصلة الا من خلال خيوط رفيعة , ورفيعة جدا” . حيث ان الجهة المهيمنة والبارزة هي مجموعة اياد علاوي البعثي المطارد من قبل صدام حسين . ان أياد علاوي لم يتنكر لحزب البعث ولا الى أفكاره الفاشية السلطوية . كذلك فإن علاوي يعمل بشكل مباشر وصريح مع المخابرات البريطانية و ال سي آي أي. واليوم ينسق بكل صراحة مع أعمدة الحكم السابق.
أن أنتماء الحزب الشيوعي الى هذه القائمة كان صعب التفسير عند دخول الأنتخابات . اما الأن وبعد ما وضح لمن لم يكن واضحا بدرجة كافية انتماء علاوي لصلب الأفكار الصدامية السلطوية واسلوبه السياسي في التحدي والتأمر لتغيير السلطة، فإن اعادة النظر اصبح امرا ضروريا. وما استخدامه للأنتخابات إلا وسيلة من بين وسائل عدة للوصول الى الحكم.
إن موقف الحزب الشيوعي الأن أنما يذكرنا بأسناده غير المشروط للزعيم الوطني عبد الكريم قاسم لأنه اصدر بعض القوانين التقدمية. وكذلك تعاونهم لدرجة وصلت الى حد احتمال حل حزبهم والأنتماء الى الاتحاد الاشتراكي, في عهد طاهر يحيى عندما قام بتأميم شركات القطاع الخاص . واذا كان هذا كله لم يكفي فأنهم وافقوا على الدخول في جبهة وطنية مع حكومة البعث وتناسوا مجازر شباط 1963. لماذا؟ لأنهم أمموا النفط ليستخدموا أيراداته في ادخال الشعب العراقي في دولاب الحروب المستمرة.
وكلنا يعلم ما آلت إليه هذه التجارب من تضحيات من جانب واحد، ومن تأجيل للمطالبة بحقوق الجماهير المشروعة للشعب العراقي من خلال مسايرة هذا وذاك الى أن تسنح لهم الفرصة كي يفتكوا بهم حينما تنتهي مصلحتهم من التحالف.
وإذا كان هناك بعض الأسباب التي أقنعت البعض بضرورة هذا التحالف الفاشل من حيث الأساس، فإن مراجعة سريعة ستؤكد على أن ذلك كان خطاً ” أستراتيجيا” من الضروري تخطيه بأسرع وقت:
1- إن علاوي ليس في دفة السلطة كي يقود التحالف ويقود حزب عريق بتاريخه النضالي.
2- إن علاوي لا يؤمن بالأشتراكية ولا حتى بالعدالة الأجتماعية بمعناها البسيط برفع الحيف عن المحرومين وتحسين المستوى المعاشي للطبقات الشعبية.
3- إن تفكيره القومي المتزمت لا يتوافق مع الفكر اليساري التقدمي التعددي ذي الصبغة الأممية والمعادية للشوفينية والطائفية والعرقية.
4- إن منهجية الوصول الى الحكم ومنهجية الأحتفاظ بالسلطة بأي ثمن وأستخدامه لأساليب تآمرية غير نزية لا يتلائم مع طبيعة حزب ينشد الوحدة الوطنية ويسعى لعراق مستقل تعددي ديمقراطي موحد.
5- إن علمانية علاوي لا تعني الأيمان بالحرية الشخصية وحقوق المرأة وحرية الصحافة وغيرها. إنها كعلمانية صدام والقذافي. إنهم علمانيون بممارساتهم الفردية، إلا أنهم عند الشدة ويوم الحساب سيحملون القرآن الكريم في يمينهم مواراة” ويعلنون الجهاد حماسة” ويتحالفون مع التكفيريون سرا” وعلانية.
6- إن حجة العلمانية والوقوف بوجه التيار الديني سبب غير كاف لهذا التحالف.
إن اليسار التقدمي, لا يؤمن بالمنهجية الميكافيلية. وعليه لا يمكن التحالف مع قوى قد تكون إمكانياتها أسوأ بكثير من مناظريها. لقد آن الأوان للتيار التقدمي الديمقراطي أن يفصل نفسه كلياً عن طلاب السلطة والبراغماتين الذين لا يمتون لهذا التيار بصلة. إن على التيار التقدمي أن يأخذ دوره الريادي المتميز. وعليه أن يكون جزءا من المعارضة الجماهيرية, بدلاً من أن يكون متحدثاً لبقاً في صالونات المحاصصة والطائفية المقنعة. إن الشارع العراقي ينتظر بفارغ الصبر لمن يقوده لتحرير العراق من الأحتلال والميليشيات ومن سارقي ثروة الوطن.
لقد ناشد الكثير من المثقفين أعرق الأحزاب العراقية بالأبتعاد عن تحالفات لا يحترم فيها دوره. ونحن إذ نمر بذكرى مرور 74 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي العراقي, نسأل قادته كيف سمحوا لعلاوي أن يأخذ المبادرة بعزلهم من القائمة ألعراقية. كان من ألاجدر بهم أن يكونوا السباقين لفظ تحالفا كان قد قضى نحبه قبل ولادته.
إن ألقيادة التي أدخلت نفسها في هذا النوع من التحالفات يجب أن تقيم أرجحية قراراتها قبل أن تعتب على من لا يستحق العتاب. لقد خذلت هذه القيادة جماهيرها، من خلال تواضعها الذي لا تفسير له سوى أنهم يعانون من عدم الثقة بالنفس، وشعور بالحاجة بالتوكأ على الأخرين.
وهذا يقودنا الى سوءال عن أسباب بقاء أعرق ألاحزاب العراقية في تمثيل متواضع جدا في وزارة لا تقدم ادنى الخدمات ولا تضمن أبسط الحقوق للجماهير، وفي عهدها تغرب في الداخل والخارج مايقرب على الخمسة ملايين نسمة من العراقيين. أن الوقت قد حان للانسحاب من الوزارة، كي تتاح الفرصة لتمثيل مصالح الجماهيرفي نضال سلمي في الشارع العراقي، وترك مجاملات الصالونات لمن هم أولى بها. فأنهم على وشك أن يقوموا بما قام به علاوي. فلماذا لا تكونوا السباقين هذه المرة، وتفضون تحالفا قد قضى نحبه.
محمد حسين النجفي
29 آذار 2008