“قلت: … شيخنا الموضوع كذا وكذا ونحن عائلة مدنية مسالمة ولسنا من العشائر، ولسنا مؤهلين لدفع فدية او دية عشائريا. أجابني الشيخ الموقر بكل تواضع وخجل وقال لي: هل فعلاً يستحق موضوع كهذا جلسة عشائرية؟ وأضاف “والله أكوا ناس دينزلون قيمة العشاير والمشايخ ويشوهون سمعتنا، ولكن مع ذلك يا أستاذ بما انه طلب منك ذلك، لابد لنا من الجلسة واترك الباقي عليّ….”
القصة كما حدثت:
وقع حادث صدام مروع بين اخي عصام مع سائق سيارة اخرى وجها بوجه في الشارع الرئيسي الملتوي في مدينة الدورة احدى ضواحي جنوب بغداد في جانب الكرخ تطل على الشاطئ الغربي لنهر دجلة، مقابل الجادرية نهاية شبه جزيرة الكرادة الشرقية. كان اخي عصام معلماً في ابتدائية الدورة عام 1977. حدث التصادم عصرا بعد انتهاء الدوام. كان الصدام شديدا جداً، نقل على اثره الأثنين الى مستشفى الكرامة. ذهبت الى مستشفى الكرامة لتفقده قالوا انهم قد اخرجوه بعد تضميد جرح في رأسه. ولكنه لم يأتي الى البيت، فأين هو؟ اجابني احد الموظفين بأنهم اخذوه الى مركز شرطة الدورة. ذهبت الى مركز شرطة الدورة كي اراه وكان كل رأسه ملفوف بضمادات بيضاء مليئة ببقع حمراء، وهو متعب جدا لا يستطيع فتح عينيه وغير قادر على الكلام. سألت لماذا اخي موقوف، انه حادث سيارة؟ قالوا لأن السائق الآخر راقد في المستشفى. قلت وهل استطيع اخراجه بكفالة؟ قالوا كلا لأن الشخص الآخر مازال في المستشفى، وهذا هو القانون. سألت عن الشخص الآخر، قالوا انه ضابط في الأمن الأقتصادي (مخابرات)! إتصل اخي رعد بصديقه محمد حسن حبيب الذي يعمل في وزارة الصحة. كان محمد حسن من الشباب المقدامين والجريئين اضافة لكونه مدعوم سياسياً. ذهب الى مستشفى الكرامة ليستفسر كيف ولماذا اخرجوا عصام من المستشفى وهناك ضربة وجرح عميق في رأسه؟ اخبرنا محمد حسن مساءا بكامل ما جرى في المستشفى. ان الكادر الطبي في مستشفى الكرامة خضع لضغط من قبل ضابط الأمن الذي لم يلحقه اذى نتيجة الحادث سوى كسر احد اسنانه الأمامية. وانهم اصدروا اوراق على انه أُدخل المستشفى كي يتم توقيف عصام بناء على ذلك. وانه ضغط على طبيب الطوارئ كي يأمر بعدم ضرورية بقاء عصام في المستشفى كي يتم توقيفه انتقاماً.
كان قلقي الرئيسي هو ماذا لو كان هناك نزيف داخلي في رأس عصام؟ وماذا وماذا لو؟ سيطرت الأفكار السوداء على تفكيري طوال الليل، لذلك اتصلت بخالي الحاج كريم في لندن لأنه يعرف صديق مشترك هو قيس، كي نستنجد به لا لشئ وانما كي ارجع عصام الى المستشفى. اتصل خالي به ومهد لأتصالي به. ذهبت اليه في شارع هويدي الثاني وشرحت له الموضوع. قال دعنا نذهب الى مركز شرطة الدورة. قيس كان من الحرس الخاص المرافق لرئيس الجمهورية آن ذاك أحمد حسن البكر. الا انه بعد حركة ناظم كزار احيل على التقاعد. طلب مني قيس البقاء في السيارة. ترجل ومشى بطريقة مهيبة تدل على انه ضابط مهم بالرغم من كونه مدني وضابط سابق. استعد له شرطي المناوبة في باب المركز. دخل قيس يعربد بصوت عال مستعملا الفاظا مهينة: اين مأمور المركز…… اين ضابط المركز….. وانا خارج المركز اسمعه يهينهم …. فعلكم….. ترككم…… ويقول لماذا عصام ليس بالمستشفى؟ ولماذا …. والله سوف افعل كذا وكذا…….
خرج قيس من المركز ومعه عصام. اخذناه مباشرة الى مستشفى الكرامة حيث كان محمد حسن بالأنتظار . ادخله الدكتور ليبقى للمراقبة 48 ساعة. تركته مع محمد حسن لأوصل قيس الى بيته متشكراً منه مساعدتنا عالماً من انه ربما عرض نفسه لمخاطر شخصية. رجعت في المساء الى المستشفى حيث كان عصام غاطاً في نوم عميق في قاووش (ردهة) لحوالي ست او ثمان مرضى. قررت البقاء معه حتى الصباح. سحبت كرسياً وجلست جنب رأسه اسمع عمق شخيره المتأتي من هول الصدمة القاسية. بعد حوالي السابعة او الثامنة مساءا اطفأت معظم الأنوار كي ينام المرضى حتى الصباح. كان ليلا هادئاً ساكناً موحشاً ومخيفا في نفس الوقت تتخلله آهات وأنات مرضى جميعهم في حالة خطرة وقلقة، وكنت المرافق الوحيد الواعي لما يحدث والمستمع الصاغي بحكم الضرورة للمعزوفات المؤلمة.
بعد مرور عدة ساعات ودخولنا في عمق الليل، سمعت وقع اقدام لعدة اشخاص قادمين بأتجاه الردهة. كان لابد لي ان افترض ان الطاقم الطبي يقوم بجولة تفقدية للمرضى. ولكن حينما فُتحت باب الردهة دخل ثلاثة اشخاص من النوع الذي تستطيع تحديدهويتهم بمنتهى السهولة. إنهم إما شقاوات (فتوة) شارع او شرطة أمن بملابس مدنية. وصلوا الى سرير عصام الذي كان يغط في نوم عميق جداً. اما انا فكنت مرهقاً جداً وشبه نائم ، إلا ان طريقة قدومهم وشكلهم المرعب في خضم ليل رهيب أرعبني وايقضني تماماً. سألني أوسطهم واضخمهم، والشر يتطاير من عينيه، من انت؟ أنا محمد أخو عصام. وماذا تفعل هنا؟ أنا مرافق لأخي. ولماذا عصام في المستشفى؟ لأن الضربة في رأسه وهناك خوف من نزيف داخلي. سكون قاتل لعدة ثواني تخللته حركات مريبة، حيث كان ثلاثتهم ينظرون الى بعضهم البعض دون ان يستديروا برؤوسهم، وإنما عن طريق تحوير العيون جانبياً. ظلوا واقفين مترددين لا يعلمون ماذا سيفعلون؟ في النهاية اكثروا من نظراتهم الشريرة باتجاهي على شكل تهديدي ملحوظ ومباشر ورحلوا. بقيت مرعوباً خائفاً وكل اعضاء بدني ترتجف من هول الموقف الرهيب. ولكنني حمدت الله على بقائي جنب أخي، لأني متأكد من ان مرادهم كان أما الاعتداء عليه أو ارجاعه الى الموقف في اهون الحالات.
بقيت واعيا لأحتمال عودتهم مرة ثانية، وكلما اشعر بالنعاس أقف وأتجول قليلاً، كي انشط نفسي حتى ينقشع الظلام الساكن المخيف. لم يخب ظني كثيراً، ولم انتظر طويلا، حيث سمعت وقع اقدام الجستابو الرهيبة مرة اخرى تقترب تدريجياً الى ان فتحوا الباب، فرؤوني واقفاً جاهزاً لملاقاتهم هذه المرة. بعدك أهنا؟ نعم أنا باقي، ماذا تريدون؟ لم يجبني أين منهم. استرسلتُ بالسؤآل رغم ضعف ركبتيّ من الخوف؟ هل أنتم موظفين في المستشفى؟ مرة اخرى تخاطبوا بعيونهم دون ان يستديروا برؤوسهم. كان لسان حالهم يقول لا نستطيع ان نفعل شيئاً وأخوه لنا بالمرصاد. لم اصدق رحيلهم وكأنهم كانوا ثلاثتهم بجثثهم الهامدة جالسين على صدري. كل هذا ولازال عصام في غيبوبة عميقة وشخير يكاد يهز نوافذ الردهة. وما ان بزغ الفجر وأصبحت الساعة السابعة صباحاً حتى بدأ الكادر الطبي من ممرضات ومعينين وأطباء بالعمل كل حسب اختصاصه. استيقظ عصام فشعرت بالأمان اكثر. استأذنته لأنني يجب ان التحق بالدوام.
ذهبت الى الدوام في الجامعة المستنصرية وبعد انتهائي توجهت مباشرة الى مستشفى الكرامة لتفقد اخي. ولكن حينما وصلت لم يكن في سريره. وحينما سألت اخبروني بأن الدكتور قد قرر ان علاجه انتهى، وكان الشرطي بأنتظار ذلك كي يرجعه الى التوقيف في مركز شرطة الدورة. ولكن الدكتور اوصى بالمراقبة 48 ساعة؟ ما الذي حدث؟ صمتٌ وافواه مكممة والجواب معروف. كان لابد لي من الأستعانة مجدداً بقيس خاصة بعد ان علمنا من ان الضابط لم ينم ولو لساعة في المستشفى وانما التقرير كان لغرض ابقاء عصام في التوقبف. بمساعدة الأخ قيس، استطعنا اخراج عصام من التوقبف بكفالة بعد جهد جهيد واخذناه الى طبيب العائلة الدكتور عبد المجيد حسين في مستشفاه للأطمئنان عليه. كان هذا الحادث بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة الى اخي. حيث ان عصام خدم في العسكرية بعد تخرجه وكان ذلك اثناء حرب أكتوبر (رمضان) عام 1973. وعلى الرغم من انه لم يشترك في الحرب واستطعنا ان نبقيه في معسكر الرشيد، إلا ان كثرت الأنذارات وحجر الجنود في المعسكرات بحجة الأنذار (ج) الذي كان يستخدم اعتباطياً في الكثير من الأحيان قد ابزعت حياته. النتيجة: قرر عصام ان يهاجر الى السويد لأن احد اصدقائه قد سبقه الى هناك وكان يشجعه على السفر. سافر وفي فمه مرارة كان بعضها مفهوماً وكان قسم كبير منها غير معلوم.
جاء موعد المحكمة فذهبت الى مجمع المحاكم في جانب الكرخ في الساعة الثامنة صباحاً بأنتظار ان يدعونا القاضي للمثول أمامه. وسبب حضوري لأني كفيل اخي ولأن عصام قد هاجر الى السويد مع نية عدم الرجوع. وأثناء انتظارنا كان ضابط الأمن الذي تصادم مع عصام يحدق بيّ بطريقة من يريد ان يخلق سبباً للخصام. حاولت تجنبه قدر الإمكان. شاغلت نفسي بالتحدث مع الشرطي الذي يحمل معه ملف القضية والقادم من مركز شرطة الدورة. لاحظت ان الشرطي كان في منتهى الاناقة في الوجه والملابس وانه يحمل رتبة عريف رغم صغر سنه. تحدثت معه وقال لي انه قد تخرج للتو من دورة للانتربول من فرنسا. وانا اتحدث معه لاحظت ان الملف يحمل عنوان “حادثة دهس”، فقلت له انه حادث صدام سيارتين وليس حادث دهس. اجاب انه لا معرفة له بالقضية، وان واجبه يقتصر على تسليم الملف للقاضي حين الطلب. ادركت ان الموضوع به الكثير من التلفيق وتغيير الحقائق مما اثار حفيظتي (علمنا بعد ذلك ان غريمنا لم يكن حاصل على اجازة سوق وبالتالي لا يحق له ان يسوق، وفي حال وقوع صدام فإنه سيكون المذنب في جميع الحالات). بلغت الساعة الثانية عشر ظهراً وإذا بنادل المحكمة يخرج إلينا ليقول ان الدوام انتهى وتؤجل القضايا الباقية. حينها جاء الخصم وقال لي أين عصام؟ جاوبته بأزدراء سخيف لم يكن في محله بأن : عصام سافر للسويد يندعيلك! (ما معناه يدعوا لك عند الأئمة). قال لي انت محمد حسين؟ قلت نعم. قال لي: اسمع! آني ما اعترف لا بالمحكمة ولا بالقاضي ولا بالقانون! إحنا عشائر وآني آخذ حقي منكم عن طريق عشيرتي.
لم أعر للموضوع اهتماما كافياً لأننا نعيش في عام ١٩٧٧ ضمن دولة مدنية علمانية ليس من المفروض ان تقبل ان تشاركها العشائر أو المرجعيات الدينية في السلطة. وكل ضني ان سلطات العشائر ونفوذها قد اضمحلت أو ضعفت بعد ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨. وكان عجبي ان ضابط امن يقول انه لا يعترف بالشرطة والقضاء والقانون! المهم مرت ايّام دون اكتراث للموضوع الى ان طلب مني “ابوعمار” وهو جار لنا في سوق الشورجة وأيضاً جارنا في السكن في الكرادة الشرقية. دعاني ان ازوره في البيت مساء بعد العشاء كي نشرب الشاي معاً، وان هناك موضوع مهم يريد ان يحدثني به. ذهبت اليه ومن البداية قال لي قبل ان نشرب الشاي ويضيع الموضوع: دعني أحدثك عن موضوع عصام! استغربت لمعرفته بالموضوع، وقال انا اعرف ضابط الأمن جيدا والتقيت به وهو يعرف الكثير عنك، فمن الأفضل ان نرضخ لمطالبته بحل عشائري. مرة اخرى استهنت بالموضوع ورفضت الرجوع عشرات السنين الى الوراء كي نحل خصام حادث صدام سيارتين عشائرياً. هنا استوقفنني ابو عمار بحدة وقال لي: اسمع ابوجاسم (وهي كنيت كل من اسمه محمد) انه مطلع بالتمام على ملفك (اضبارتك او فايلك) بالأمن وانه ذكر ان لك أختين عالية وانوار طالبات في الجامعة المستنصرية! هنا أصابتني حالة من الشعور بالعجز والضعف والخوف من ان يتم أي شيئ يمس خواتي أو يلحق بهم الأذى بأي شكل من الأشكال. رضخت للحلول التي يقترحها ابوعمار الذي كان مخلصاً جداً في موضوع التوسط لصالحنا.
أخذني ابوعمار معه الى مدينة الضباط في اليرموك وزرنا عدة ضباط عسكريين واستشرناهم كيف نتصرف؟ كان رأيهم صادماً لي لأن الكل اقترح لابد من الموافقة على الحل العشائري. بعد ذلك قررت الذهاب الى لقاء رئيس العشيرة، فذهبت الى المدرسة التي كان يُدرس بها عصام والتقيت بمدير المدرسة الذي رحب بي بحفاوة وانه يحب أستاذ عصام كثيراً. حكيت له الموضوع فتأسف كثيراً وقال لا عليك سأدلك على رئيس العشيرة اذهب اليه وقابله وسلملي عليه، انه إنسان طيب وسوف يساعدك. ذهبت حسب الوصف وكان الفصل ربيعاً و أشجار النخيل على مدى البصر، وتحت ظلالها على جانبي الطريق اشجار الفاكهة، مقدحة بأزهار ثمار الخوخ والعنجاص والبرتقال والليمون والرائحة زكية جداً والريح القادمة من ضفاف دجلة الخير تحمل نسمات باردة ومعطرة لا يمكن نسيانها. وقفت على السد امام البستان ونزلت لأرى فلاح بسيط بيده المسحاة، واضعاً ذيل دشداشته (ثوبه) في حزامه‘ يحاول تعديل وترميم السواقي بين اشجار الليمون والبرتقال. بعد السلام عليه أخبرته بأني اريد الوصول الى الشيخ فلان. استغربت كثيراً حينما قال: وصلت، آم؟. . اجبته لا يأمر عليك ظالم شيخنا، وقلت: … شيخنا الموضوع كذا وكذا ونحن عائلة مدنية مسالمة ولسنا من العشائر، ولسنا مؤهلين لدفع فدية او دية عشائريا. أجابني الشيخ الموقر بكل تواضع وخجل وقال لي: “هل فعلاً يستحق موضوع كهذا جلسة عشائرية؟ وأضاف “والله أكوا ناس دينزلون قيمة العشاير والمشايخ ويشوهون سمعتنا، ولكن مع ذلك يا أستاذ بما انه طلب منك ذلك، لابد لنا من الجلسة واترك الباقي عليّ….”. شكرته جدا جدا ومنحني الثقة باننا سنكون في أيدي امينة. وأضاف ما رأيك في اليوم الفلاني ان تأتي مع مجموعة من كبار القوم من عائلتكم ونجتمع في بيت والد الخصم في شارع فلسطين. شكرته وانا واثق من اننا سنكون في أيدي امينة.
فعلاً جهزنا ثلاث سيارات من التجار والحجاج والخوال وأبوعمار وذهبنا. استقبلنا الشيخ ووالد الغريم ووالدته التي كانت ذات شخصية تدل على علو مكانتها ورفعة اخلاقها اما صاحبنا فكان غائباً ولا ادري ان كان ذلك مقصوداً ام لا؟ بدأ الحديث نيابة عنا ابونضال وقال اننا نعتذر عن الأذى الذي لحق بأخينا وأننا مستعدين لتحمل كافة مصاريف العلاج الطبي ومصاريف تصليح السيارة وما ترونه مناسباً، اسنده خالي الحاج مهدي بكلام مليئ بالحكمة والورع. أجابنا والد غريمنا بحضور الشيخ بأن مجيئكم هو خير تقدير وشرف لنا وهذا يكفي ولا غرامة أو فدية مطلوبة. كان لقاءاً بمنتهى الاحترام دون توبيخ أو تهديد أو ابتزاز، وتحولت الجلسة من جلسة فصل الى جلست صُلح بفضل حكمة الشيخ ووالدي الغريم. مع ذلك طلبت من ابوعمار ان يتحدث مع غريمنا ويصر عليه ان ندفع مصاريف الطبابة لكسر احد اسنانه وتصليح السيارة وكانت جميعها بحدود ٣٠٠ دينار، دفعناها بكل ممنونية. بعد ذلك دعانا ابو عمار لجلسة صلح في مطعم شاطئ الجندول على ابي نؤآس على شراب وسمك مسقوف، وكانت جلسة جميلة على انغام كوكب الشرق أم كلثوم. وهكذا تسير الأمور على مايرام بعد العناء والقلق وقلة المنام.
حدثت هذه القصة عام 1977 كما ذكرت سابقا يوم كان هناك حكومة مركزية بمنتهى القدرة على التحكم وبقسوة على مجريات الأمور. ومع ذلك فإن ذلك لم يمنع او يردع غريمنا هنا من ان يستغني عن السلطة ويفضل ان يأخذ حقه عن طريق العشيرة. وللعلم فإن “صدام” وخاصة بعد عام 1979 روج وشجع لبعث النزعة العشائرية وترويجها كبديل او مكمل لحزب البعث الذي تحول بعد ذلك من حزب موال الى افكاره مهما كانت الى حزب موال لصدام، وتحول دور الشيخوخ بدلا من حماية ابناء عشيرتهم الى امراء يعلنون البيعة والنصرة للقائد الضرورة، ويجندون شبابهم لحروب لا طائل لها. اما بعد عام 2003 وبالغياب الكلي لسلطة الدولة فقد تحولت العشيرة الى دولة داخل الدولة. والحق يقال فإن الشيوخ والوجهاء لعبوا دورا ايجابيا في بداية الأمر لحماية ابنائهم، ولكن تحول ذلك تدريجا من الحماية الى الجباية بمرور الزمن وانتشار الفساد وضعف الأمن والأمان واستمرار غياب الدولة والأهمال الكلي لحماية المواطن المسالم الذي لا حول ولا قوة له. اتمنى ان يكون جميع شيوخ العشائر والوجهاء من النوع والعزة والشرف الذي ساقتني الأحداث للتشرف بمعرفتهم والذين ترسخت ذكراهم الطيبة في ذاكرتي، لأني متأكد من انهم لم يقدموا الأحترام لنا فقط، وانما وبخوا غريمنا لتهوره ولزجه العشيرة في مسألة ذات طابع مدني ولها حلول قانونية بسيطة ومنصفة للطرفين.
عاشت ايديك ابو ندى
شكراً اخي ابو مريم. اسأل ربي يمنحك الصحة والعافية
I enjoyed your story and I am glad it ended happily.
There is no law currently in Baghdad. I have been dependent on tribal law to resolve my problems.
Thanks God there is some sort of subtitute to the absence of Government low and order.
Your snippets of our history are always enjoyable, because we can relate to them.
That’s the idea.
خاطرة رائعة من صميم واقع الوطن الممزق الذي اصبح القانون فيه مجرد حبر على ورق
دمت رائعاً راقي القلم والخلق
للأسف الشديد ان مانراه اليوم في عراقنا زرعت بذوره قبل خمسين عاما واليوم نمت ظواهر الفساد والسطوة ولم يعد لوجهاء وشيوخ ومثقفي البلد اَي دور فيه
تحياتي
سلمت يداك كاتبنا الراقي أستاذ محمد حسين .. خاطرة تبدو حقيقية تسلط الضوء على واقعنا المزري الذي يفتقر الى القانون الذي ينظم حياة البشر ويعطي كل إنسان حقه .. معاناة كثيرة مررت بها تحسسناها معك خلال قراءة كلماتك وسردك الممتع والمرّ بان واحد معبرة عن شهامتك في وقوفك الى جانب اخيك المعتدى عليه في ذلك الظرف الحرج.. دمت كاتباً مبدعا وانساناً رائعاً
عزيزتي ست نضال
نعم القصة حقيقية ولكني لا امتلك المفردات العربية التي تصف حقيقة التوتر في مشاعر الخوف والرعب واللا حولة ولا قوة. ولكني كتبتها بإمكاناتي اللغوية التي اعرفها
شهادتك اعتز بها كثيراً وانت المثقفة والأديبة وذات الحس الوطني الأصيل
تحياتي
سلام عليكم ابو عامر الوردة القصة التي اسردتها ذكرتني بلي مضى حيث في وقتها سمعتها من والدي وكان في وقتها هو ايضا وقع له حادث كان مولم وموسف جدا في نهايات ثمانينات وكانت لاتزال الحرب قائمة بين العراق وايران لابد انك سمعت بهذا حادث حيت السيارة تحاطمت تماما ولا ادري كيف خرج منها الوالد فطر في رجله اليمنى ورضوض في ساقيه وراسه ايضا حيث صدمته سيارة اسعاف كانت من النوع اميركي شوفر ليت وتعرف كم هو قوي صناعة اميركية يعني بودي سيارة على كل حال وهو جالس في البيت على مدى شهر لايستطيع المشي والسير وكنا نحن حوله واسرد لنا بعض القصص ومن ضمنها حادثة عصام والتي قال لنا كانت سيارته جديدة ايضا من نوع الروسي وكان هو معلم ويذهب بها الى المدرسة وحصلت الحادثة والتي كان سببها السرعة من الطرفين لا تستذكرني التفاصيل من هو المسبب لكن قال لنا الوالد الله يرحمه ان الاثنيين متاذيين وكانو في المستشفى وعصام كانا ضربته في الراس وهو مغمى عليه من اثر الصدمةوطبعا انهى الوالد القصة بان محمد حسين اخوه الاكبر وابن خالتكم انهى كل شي كالمعتاد مع الطرف الاخروانتهت القضية لكن لم يسرد لنا كيف مثل ما اسردتها انته الان لكن قال لنا الوالد انهم ذهب لزيارة عصام في البيت وكان في ليل وكنا نحن الثلاثة انا ونادية وسرمد وخالتك ووالدي حيث جلسنل في الطرمة الخلفية مقابل الحديقة وكانت السيارة ومحطمة وكان عليها شي مثل القماش او الغطاء(الجادر) وكانت البيبي موجودة والبنات ولكننا لن نرى عصام اظن كان بعده في المستشفىوجلسنا قليلا وقال والدي على اذكر انك تفكر ومعصب قليلا وخائف في نفس الوقت على عصام كيف تخرجه من هذه القضيةلكن قال والدي كنت قويا وفي نفس الوقت تبتسم وتضحك معنا نحن الصغار وتحكي مع خالتك وتطمنئها على عصام حتى على ما اذكر شكت والدتي لك لا ادري في نفس الوقت مني بان سامي لايزال يشرب الحليب بقدح الطفل الرضيع او ما تسمى (ممية) لا ادري هل تتذكر ذلك على ما اذكر حكيت وقلت لي انك كبير ولايجوز ذلك واخذتني بسيارتك على ابي نؤاس ونزلنا عند طرف شاطئ نهر دجلة ورميتها وقلت لي خلص راحت ممية دون رجعه وعلى اثرها تركتها وتركت حتى الحليب لا ادري ابا عامر كنت شيال الهموم وقضايا حتى في ابسط الامور الكل ترجع اليك اي قلبا تحمل وايا صبرا لديك سوء من الاهل والاخوة والعائلة ولحد هذا اليوم —-رزقك الله الصحة والعافية وادامك الله لنا ضلا وخيمة على روؤسنا جميعا
قصه رائعه وسرد رائع. مع الاسف حدث مشوق ومؤلم في ذلك العمر وذاك الوقت ولكن الحمدلله .العواقب سليمه
طول عمرك شهم يا عزيزي وتضحياتك لا تحصى ادامك الله ذخرا لنا جميعا
هامو
شكراً زوجتي العزيزة. نعم احداث مضت ولكنها تركت خدوشاً في ذاكرتنا. عسى ان يكون سردها للآخرين عبرة وفائدة كي لا تتكرر.
تحياتي
أستاذ ابو عامر المحترم
طرح القصة جميل جدا ومن الاسترسال السلس
يحمل بين طياته الكثير من التشويق والتصوير القصصي الجميل.
تحياتي
رؤوف الخمايسي
عزيزي حجي رؤوف
شكرًا لمرورك واهتمامك،، ولعلنا نقدم شيئا به منفعة للآخرين.
تحياتي ورمضان كريم
سرد جميل لأحداث ممكن ان نستنتج منها ان
الأمل بمجتمع متوازن في العراق هو شيء مازال ممكنا ..
تحياتي الحارة
عزيزتي عاملة
الأمل مهم جدا حتى لو كان مصطنع، لانه يخلق حافز للسعي نحو الأفضل
تحياتي