أفكار حُـرّة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي
صوت معتدل للدفاع عن حقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية مع اهتمام خاص بشؤون العراق
الفصل الثاني من سلسلة اليوبيل المئوي لتأسيس الدولة العراقية
” الفصل الأول من سلسلة اليوبيل المئوي لتأسيس الدولة العراقية”
“تلك الموسيقى الراقصة والحركات الغجرية التي تحاكي المشاعر قبل الجسد، مجسمة روح التمرد والانطلاق نحو العبثية، وتحدي العادات والتقاليد البالية”
تحدثنا في مقالة “غياب البديل” عن ان المطالبة بالتغيير السياسي سواء بالطرق السلمية او بأستخدام العنف، من دون تهيأة البديل المناسب المتفق عليه وطنياً، سيؤدي الى نتائج كارثية كما يحدثنا التاريخ. وهذا بالضبط ما حدث بعد التغيير عام 2003. ولتحديد البديل المناسب نظرياً، علينا ان نؤكد على اهم العوامل التي ادت الى الفشل الذريع لتجربة ما بعد 2003:
الشعوب كلها تسعى للتقدم والتغيير نحو الأفضل، ومنها الشعب العراقي الذي عانى خلال المئة عام المنصرمة من حياته شتى أنواع الاضطهاد من قبل السلطات، ومجازر الحروب الداخلية والخارجية التي ادت الى الأخفاق تلو الأخفاق وصولاً لما نحن عليه اليوم. ومن بين اهم مستلزمات التغيير هو معرفة وتحديد البديل. وان يكون هناك شبه اجماع على الأقل حول منحى التغيير المطلوب. فحينما رمى احد الضباط البواسل رصاصات الغضب على لوحة صدام الجدارية على ابواب البصرة بعد هزيمة حرب الخليج الثانية والخسائر البشرية الكارثية بسب حرب قامت لطموحات شخصية ونعرة بدوية، لم يكن على بال ذلك الضابط الجسور سوى ان يلعن صدام علناً، ولو يتمكن لقتله بنفس الطريقة التي رشق بها صنمه الجداري. والكل يعلم مالذي حدث بعد ذلك من فشل للانتفاضة الشعبانية عام 1991.
منذ بداية القرن العشرين كانت الرعاية الصحية من بين اهم الواجبات والخدمات التي تقدمها الحكومات لشعوبها. حيث كانت المستشفيات والمستوصفات والعيادات الشعبية من بين اهم المراكز الصحية وافضلها في تقديم الرعاية الطبية لمواطنيها. وهذا لا يمنع من ان الأطباء والممرضين كانوا يقدمون خدمات بعد انتهاء الدوام مساءاً في عياداتهم او في زيارات منزلية للمرضى غير القادرين على التحرك. وهذا ما كان عليه الوضع في معظم دول العالم. إلا انه بعد تحول روسيا من دولة قيصرية الى دولة اشتراكية حُولت الخدمات الطبية لتكون من الخدمات التي تقدمها الدولة حصرياًاً لمواطنيها. تبعها بعد ذلك الدول التي انظمت الى الأتحاد السوفيتي ثم الدول الأوربية الشرقية مثل بولونيا وبلغاريا وجيكوسلوفاكيا التي كانت ضمن الساتلايت السوفيتي.
ما زال العديد من المثقفين والمؤرخين يعيدون ذكريات ثورة 14 تموز عام 1958 ويُقيمون تلك التجربة وزعيمها عبد الكريم قاسم من وجهات نظر متباينة جداً. فمعظم اليساريين والشيوعيين موقفهم واضح في التقييم الإيجابي للثورة وزعيمها، على الرغم من أنّ معظم قادة الثورة وزعيمها لم يشاطرهم نفس المشاعر او التقييم. ويعلم اليساريون عموماً والشيوعيون خاصة انهم لاقوا من الاضطهاد والحيف والعزل والسجون في عهد قاسم اكثر مما نالهم في زمن العهد الملكي. إلا انهم ظلوا مناصرين ومدافعين عنه بحجة ان “تقيمهم للثورة ولعبد الكريم قاسم يعتمد على ما تقدمه الثورة من انجازات تشريعية واقتصادية واجتماعية لعموم الشعب، ولا يعتمد على طبيعة علاقتهم به فقط”.
تحررت معظم المدن العراقية من داعش، فمتى يتحرر الأنسان العراقي من النوازع الداعشية ؟ وهل ان تحرير المدن والقرى والقصبات يعني حقاً ان ساكنيها قد تحرروا فعلاً من سطوت ونفوذ وافكار النزعة الظلامية الرجعية الأضطهادية والمبررة بحجج دينية واهية من بُنات القرون المظلمة الوسطى؟ لا ارى ان تحرير الأرض كافياً كي يؤدي ذلك الى تحرير العقول وتنوير القلوب وتغيير الموازيين من حيث المعتقدات والتخندق الطائفي وتبريرات التكفيير والقتل الجماعي. ولكن السؤال دائماً سيكون ما الحل؟
بدأت هذا اليوم العمليات المباركة لتحرير مدينة الموصل العراقية. مدينة الموصل العريقة، ام الربيعين وثاني اكبر المدن العراقية ومن بين اهم المراكز التجارية والثقافية. ومن البوادر الأولى لمسيرة تحرير الموصل وباقي الأراضي العراقية يظهر جلياً قوة ومتانة وحماس القوات المسلحة كافة مدعومة بالدعم الشعبي من قبل الحشد الشعبي والعشائر التي لم ترضخ لداعش والعصابات الأرهابية الأخرى.