أفكار حُـرّة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي
صوت معتدل للدفاع عن حقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية مع اهتمام خاص بشؤون العراق
لم تعد الطائفية تهم الطائفيين فقط. سواء أكنت طائفياً ام لا سيُعاملك الآخرين على اساس الطائفة التي تنتمي اليها. والسؤال الذي اود ان اطرحه هو: ان كنت حقا لست طائفيا، هل ان عليك ينصب عبئ الاثبات؟ والطائفية هنا بمفهومها العام هي التعصب لما ينتمي اليه الفرد والعائلة. وربما يقود هذا التعصب الى صراع مع الآخرين، وفي بعض الأحيان تكون طبيعة هذا الصراع دموية. ولكي نتجنب الحساسية دعونا نأخذ مثلا الصراع بين البيض والسود في اميركا. السود أقلية ومعظمهم فقراء وكان الكثير منهم في الولايات الجنوبية عبيد مملوكين لمالك ابيض. أما السود في الشمال فإنهم لم يكونوا عبيدا وانما كانوا اقل حقوقا وفرصا من البيض. ومرّ صراع السود في سبيل كامل حقوقهم الإنسانية بمراحل عديدة كان آخرها حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كنك جونير. واليوم يتصدر البيت الأبيض رئيس اقوى دولة في العالم شاب اسود اسمه براق حسين أوباما.
فمن الذي انتخب أوباما مرتين الى البيت الأبيض؟ السود لا يمثلون سوى عشرة في المئة من سكان اميركا في أحسن الأحوال. إن من انتخب أوباما هو من آمن في برنامجه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بضمنه السياسة الخارجية. ان البيض هم من صوت وانجح المرشح الأسود. وطبيعي فإن ذلك يمثل منتهى الرقي الإنساني الذي أذهل العالم وبعض الأمريكيين المتعصبين وغير المتعصبين. ولعلي لا أنكر ان من اهم منجزات التغيير في عام 2003، انها اوصلت شخصية كوردية لرئاسة الجمهورية العراقية. لا يهم ان كان شخص الطالباني ام غيره، المهم انه ليس وفق التقاليد التي توجب ان يكون عربيا. وربما سيكون الرئيس القادم مندائي او مسيحيي اوأزدي، وبذلك نكون قد كسرنا العديد من الحواجز نحو الطائفية.
السؤال الذي في ذهني هو كيف يتصرف أوباما كرئيس ويثبت للأمريكيين انه ليس رئيس امريكي محدد بأجندة للسود؟ هل ان عليه ان يتخلى كلياً عن الدفاع عن حقوق السود التي ما زال قسم كبير منها مهضومة؟ أم ان عليه استغلال الفرصة باعتباره الرئيس المنتخب كي يرفع الظلم عن المظلومين ومنهم السود؟ ام ان عليه ان يبالغ بمنح السود امتيازات بحجة انهم عانوا الظلم لسنوات عديد!. ربما تبدوا المسألة محيرة بعض الشيء او كل الشيء، وطبيعي فإنه من السهل على رئيس ابيض اتخاد القرار دون عقدة كونه لا ينتمي لفئة تعتبر أقلية.
والسؤال الأعم هو اننا كمواطنين كيف نثبت للآخرين اننا لسنا طائفيين؟ وهل نحتاج ان نثبت بأننا غير طائفين؟ فإن كنت كردياً هل عليّ ان اكون مناهضا لحقوق الأكراد كيف اثبت أنى مواطن عراقي؟ وان كنت سنياً هل ان عليّ ان أشهد ان علياً ولي الله كي أقنع الشيعة بأني لست طائفيا؟ وان كنت شيعياً هل ان عليّ ان أصلي مكتوف اليدين ومن دون تربة كي يعلموا أنى لست طائفياً؟ وما الذي عليّ ان اقوم به ان كنت مسيحياً او أزدياً او مندائياً كي اثبت للملأ أنى انسانٌ قويم؟
انى ارى ان الأنسان طائفيا بطبعه، اي انه يحب نفسه وعائلته ودينه ومذهبه وانتمائه العرقي وبلده ومسقط رأسه وعشيرته. وليس في ذلك اي عيبٌ او مخالفةً للأخلاق والقوانيين. المشكلة هي في المبالغة بذلك كله او بواحدة من هذه الانتماءات، والمشكلة الأكثر هي حينما يعتقد الفرد او الجماعة انهم أفضل من الغير وانهم يجب ان يكون لهم كل شيء وللآخرين لا شيء.
وانا لا أرى اننا يجب ان نثبت للآخرين من أننا لسنا طائفيون، وانما علينا ان نتصرف كذلك، وعليه فإن من حق كل فرد وطائفة ان تعتز بما هي عليه، دون التقليل من شأن الآخرين. وهذا تصرف حضاري وثقافي واخلاقي وغير طائفي.
محمد حسين النجفي
نيسان 2014
__________________________________________________________________
سنةوشيعة# #العراق #الطائفية #محمد_حسين_النجفي