أفكار حُـرّة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي
صوت معتدل للدفاع عن حقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية مع اهتمام خاص بشؤون العراق
جزء من المكونات الأساسية للمرأة‘ هو رقتها وحسها المرهف وعاطفيتها الجياشة. وهذه الصفات الأنثوية الشفافة تجعلها بالغة الإحساس وشديدة التفاعل مع المشاعر لدرجة أنها لا تسيطر على ردود فعل كيانها، لذا فإن دموعها تنهمر وتجهش بالبكاء عند الألم او الأسى او الأذية او ألاضطهاد الجسدي او النفسي دون وعيٍ او سيطرة عليها. والبكاء هو اللغة الوحيدة التي يمتلكها الأطفال للتعبير عن جوعهم وألمهم وعن وحشتهم، ولا يسكتون حتى يشبعوا ويرتمون بدفئ أحضان أمهاتهم.
إذن يحق للمرأة ان تغرورق عيناها في البكاء وتسكب الدموع مدرارا. ويحق للطفل البكاء والصريخ حتى يحصل على ما يريد، ولكن هل يحق للرجل أن يبكي؟ هل يحق له النحيب والبكاء؟ هل يحق له ذرف الدموع أمام الآخرين؟ وأخيرا هل يحق له إظهار ضعفه، والبكاء أمام النساء؟
الرجل دَمٌ ولحمٌ مثل المرأة، لا يختلف عنها، إنما العادات والتقاليد والتربية والأعراف منحت الرجل صفات ليست بالضرورة هو أهلٌ لها. ومن بين تلك الصفات، الرجولة والخشونة والقوة والبأس والتحمل والصبر والعقلانية. وهي صفات معاكسة لما توصف به المرأة من قبل المجتمع وأعرافه وتقاليده وتوقعاته.
وللحقِ أقول يا صاحبي: ان الغصة في قلبي ثابتة نابتة، لا تفارقني سواء أكنت حزيناً او فرحا. واني كثير البكاء ساكب للدموع لا حول ولا قوة ولا سيطرة لي عليها، ومحرجة لي في كثير من الأحيان. فلماذا ابكي يا صاحبي، اهو بسبب الحزن الأبدي الذي في أعماق كل نفس عراقية، ام هو بسبب حبسة الغربة الجاثمة على صدرنا المتعب، اهو بسبب انفعالنا مع الحدث ومع النغم ومع الخبر ومع الصورة المؤثرة، أم انه بسبب حسرة مكبوسة هنا وآهات وذكريات مُرة محبوسة هناك في أعماق أعماقنا، ام هو بسبب ندم على بعض ما فعلنا وأسف شديد على الكثير مما لم نفعلهُ؟
كل هذا وذاك يبكيني يا صاحبي، فالأغنية الحزينة والشعر المرهف يبكيني، ووحشة التغرب عن الوطن وفقد الأهل والأصدقاء وذكريات ملاعب الطفولة والأزقة البغدادية والكرادة الشرقية وأبي نوأس وشارع الرشيد وشقاوة المراهقة وملامح وجوه بنات الجيران يبكيني، كيف لا تبكيني؟ ومشاهد الظلم والأسى تبكيني، والشوق للأحبة يؤلمني ويبكيني. وذكرى الأعزاء الذين رحلوا من حياتنا، الأبُ والأم والجد والجدة والخالة والخال والعم والعمات يبكيني، وقساوة رحيل أخي الحبيب “رعد” أملي وحامل لوائي، تعصر قلبي وتخنقني ولا يمر يوم إلا وتبكيني. نعم وواقعة الطف ومُصاب أبي عبد الله الحسين (ص) في كربلاء تبكيني وستظل تبكيني مازال هناك نبضن في القلب ودمع في العيون. فالبكاء لغة وتعبير وشعار وسلاح ودواء، ونعمة من الله يجب احترامها واعتبارها.
محمد حسين النجفي
ايلول 24 2017
ان قلوباً رقيقة كالورود مثلكم لا تحتمل ان تجف بدون ماء و لا يوجد افضل من دموع العين ماء يحافظ على رقتها و رونقها. هكذا تفعل الدموع بالقلوب فإذا حرمناها بسبب المجتمع و التقاليد حولنا قلوبنا الى صخور جامدة و العياذ بالله و هكذا تفقد المجتمعات إنسانيتها و محبة أفرادها بعضهم البعض. رزقنا الله و اياكم دموعا تغسل خطايانا و تطهر ارواحنا و تلين قلوبنا لتمتزجم معكم حب في الله
العزيز ابو كرار
احسنت الوصف والمعنى والغاية في انهمار الدموع حينما يغص القلب ولا يسعفه سوى انهمارها
تحية خالصة